وَتَخَلَّتْ)(١). وفائدة إلقاء الكنوز وإظهارها أن تتحسّر عليها نفوس الذين كنزوها ، وأن يعذّبوا بها ، كما قال الله تعالى : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ)(٢).
قوله تعالى : (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) (٣) ؛ الإنسان هاهنا اسم جنس أريد به الذين يخرجون من جوفها ، يقول كلّ منهم ما للأرض وما حالها؟ ولأيّ شيء زلزالها؟ قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (٤) ؛ أي يومئذ تخبر الأرض بما عمل على ظهرها من خير ، أو شرّ عبرة للمتفكّر فيها ، تقول في المؤمن : صلّى عليّ وحجّ وصام ، فيفرح المؤمن ، وتقول في الكافر : أشرك عليّ وسرق وزنا وشرب الخمر ، فيحزن ، وذلك الإخبار بأنّ الله ألهمها وأنطقها ، كما أنطق الله الجوارح. قوله تعالى : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٥) ؛ أي أذن لها وأمرها.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً ؛) أي يصدرون من قبورهم متفرّقين إلى أرض المحشر فرقا فرقا أهل كلّ دين على حدة ، فيسار بهم إلى موضع الحساب. قوله تعالى : (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) (٦) ؛ من كتبهم التي تسجّل (٣) أعمالهم فيها. وقيل : يرجعون من موضع الحساب متفرّقين ليروا جزاء أعمالهم ، فريق في الجنّة وفريق في السّعير.
قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٨) ؛ اختلفوا في مثقال الذرّة ، قال بعضهم : هو ما يقع في الكون من شعاع الشمس من الهباء (٤) ، وقال بعضهم : هي النملة الحمراء الصغيرة (٥) ، وذلك أنّ قوما كانوا لا يرون أنّهم يؤجرون على قليل من الخير ، ولا يعاقبون على قليل من الشرّ ، فأنزل الله هذه ، وحثّهم على كلّ خير قلّ أو كثر ،
__________________
(١) الانشقاق / ٤.
(٢) التوبة / ٣٥.
(٣) في المخطوط : (يستحب).
(٤) الهبوبة : الريح تثير الغبرة.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٩٢٣٠) من تفسير ابن عباس وابن سنان وابن وهب ويزيد بن هارون.