ويقال : معناه : المبارك. وعن عكرمة : «أنّ معناه الجبل في الشّتاء ؛ لأنّه كثير النّبات والأشجار».
قوله تعالى : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (٣) ؛ يعني مكّة ؛ لأنّ أهلها في أمن من الغارة ، وكانوا إذا سافروا لم يتعرّض لهم لحرمة الحرم ، والصيد في الحرم آمن ، ومن قتل قتيلا ، ثم لجأ إلى الحرم لم يقتصّ منه في الحرم.
وقوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٤) ؛ أي في أحسن صورة واعتدال على أحسن صورة وهيئة ، وعلى كمال في العقل والفهم ، وذلك أنّ الله خلق كلّ شيء منكبّا على وجهه إلّا الإنسان. وقيل : خلقنا الإنسان مديد القامة يتناول ما يأكله بيده.
قوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (٥) ؛ أي رددناه إلى أرذل العمر ، وإلى حال الهرم وفقد العقل بعد الشّباب والقوّة. وقال بعضهم : معناه : رددناه إلى أسفل دركات النار في أقبح صورة.
ثم استثنى المؤمنين المطيعين ، فإنّهم لا يردّون إلى أسفل سافلين ، ويجوز أن يكون هذا استثناء منقطعا بمعنى لكن ، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ؛) أي الطاعات فيما بينهم وبين ربهم ، (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٦) ؛ أي ثواب غير مقطوع ؛ أي لا ينقطع ثوابهم بموتهم.
وفي الحديث : [إنّ المؤمن إذا عمل في حال شبابه وقوّته ، ثمّ مرض أو هرم ، كتب الله له حسناته ، كما كان يعمل في حال شبابه وقوّته ، لا ينقص منه شيء](١).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : [إذا مات المؤمن فدفن في قبره قال ملكان : يا رب قد مات عبدك فلان ، فأذن لنا أن نصعد إلى السّماء فنسبحك ، فيقول الله تعالى : سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحونني ، فيقولون : يا رب فأين تأمرنا؟ فيقول : قوما
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٥٥٨ و ٥٥٩ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن مردويه عن أبي موسى الأشعري). وقال : (وأخرجه البخاري أيضا) في الصحيح : كتاب الجهاد : الحديث (٢٩٩٦).