قوله تعالى : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) وليس على وجه التّكرار ؛ لأنّ الأول في إعانة المؤمنين ، وهذا متّصل بذكر المنافقين في الانتقام منهم ، ومعنى ذلك : أنّ في الأول (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فالله قادر على أن يسخّرهم لينتقم بهم من أعدائه من كلّ ما دبّ ودرج من ذلك حتى البرغوث والعقرب ؛ لأنّ الله لم يأمر المسلمين بالقتال لأجل هلاك المشركين ، وإنما أمرهم بالقتال ليعوّضهم بذلك جزيل الثواب الذي لا ينال إلّا بالقتال ، وههنا متّصل ذكر الانتقام من المنافقين.
وقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٧) ؛ أي لم يزل منيعا مستغنيا من الكفّار ، حكيما في أمره وقضائه.
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (٨) ؛ معناه : إنا أرسلناك يا محمّد شاهدا على أمّتك بتبليغ الرسالة ، وقيل : شاهد على أقوالهم وأفعالهم فإنّها تعرض عليه ، (ومبشّرا) بالجنة للمطيعين ، (ونذيرا) أي مخوّفا بالنار لمن عصى الله تعالى.
قوله تعالى : (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ؛) أي قرئ بالتاء في الأربعة على معنى قولهم : لتؤمن بالله ورسوله ، وقرئ بالياء في الأربعة أيضا ؛ يعني : من آمن به وصدّقه ، قوله تعالى : (وَتُعَزِّرُوهُ) راجع إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أي يعينوه وينصرونه بالسّيف واللسان ، وقرأ محمّد بن السّميقع : (وتعزّزوه) بزائين ، وقوله (وَتُوَقِّرُوهُ) أي وتعظّموه وتبجّلوه ، وهذا وقف تامّ.
وقوله تعالى : (وَتُسَبِّحُوهُ ؛) أي وتسبحون الله عزوجل ، (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٩) ؛ أي يصلّون له بالغداة والعشيّ ، وفي قراءة ابن عبّاس : (وتسبحوا الله بكرة وأصيلا) (١).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ ؛) يعني بيعة الرّضوان بالحديبية ، (إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) ، بايعوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم على أن لا يفرّوا ويقاتلوا ، بايعهم النبيّ
__________________
(١) نقله الطبري في جامع البيان من غير عزوه إلى ابن عباس : الأثر (٢٤٣٦٠).