والنّصب : الدّأب في العمل ، وقال عكرمة والسديّ : «عاملة في الدّنيا بمعاصي الله ، ناصبة في النّار يوم القيامة» (١). وقال سعيد بن جبير : «هم الرّهبان أصحاب الصّوامع الّذين يتعبون وينصبون في العبادة ، ثمّ لا يخلصون في الآخرة من ذلك على شيء لوقوع ذلك على غير موافقة العلم». ويقال : هم الخوارج. ويقال : المراد به كلّ من عمل عملا ، وخلط بعمله ما يبطله من ربا أو شرك أو عجب.
قوله تعالى : (تَصْلى ناراً حامِيَةً) (٤) ؛ أي تلزم نارا قد انتهى حرّها ، قال ابن مسعود : «يخوض في النّار كما تخوض الإبل في الوحل».
قرأ العامّة (تصلى) بفتح التاء ، وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر بضمّها اعتبارا بقوله : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) (٥) ؛ أي من عين متناهية في الحرّ ، قال الحسن : «قد انتهى طبخها منذ خلق الله السّموات والأرض إلى تلك السّاعة».
قوله تعالى : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) (٦) ؛ قال مجاهد وعكرمة وقتادة : «وهو نبت ذو شوك لاطئ بالأرض ، تسمّيه قريش الشّبرق حين يكون رطبا ، فإذا يبس فهو الضّريع» (٢) يصير عند اليبس كأظفار الهرّة سمّا ، لا تقربه دابّة وإنّما تأكله الإبل في الرّبيع من فوقه (٣). وقال ابن زيد : «أمّا في الدّنيا فإنّ الضّريع الشّوك اليابس ، وأمّا في الآخرة فهو شوك في النّار» (٤).
وقال الكلبيّ : «الضّريع لا تقربه دابّة ، إذا يبس لا يرعاه شيء». وقال عطاء : «هو شيء يطرحه البحر المالح تسمّيه أهل اليمن الضّريع». وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٤٩١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة). وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٩٢٥٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٦٨٤) عن مجاهد ، و (٢٨٦٨٣) عن عكرمة ، و (٢٨٦٨٥) عن قتادة.
(٣) هكذا رسمها الناسخ ، وهي أقرب إلى (فرقه) ، ويكون المعنى : أي من خوف الجوع أو من شدة الجوع. والله أعلم.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٩٨٦٩٠).