وقوله تعالى : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٠) ؛ أي ما لهؤلاء المشركين لا يؤمنون بهذا القرآن ، وبما جاء به محمّد صلىاللهعليهوسلم من عند الله بعد ظهور الحجج والأدلّة ، (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) (٢١) ؛ أي يصلّون لله ، ولا يخضعون (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) (٢٢) ، وهذا بيان وجوب سجدة التّلاوة ؛ لأنه ذمّهم على تركها عند السّماع. وظاهر الآية يقتضي وجوب السّجدة عند سماع سائر القرآن ، خصّصنا ما عدا مواضع السّجود بالإجماع ، فاستعملنا في مواضع السّجود ، إذ لو لم يفعل ذلك لألغينا حكم الآية رأسا.
قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) (٢٣) ؛ أي بما يضمرون في قلوبهم ، والإيعاء : جعل الشّيء في الوعاء ، والقلوب أوعية لما يحصل فيها من معرفة أو جهالة أو عزيمة أو خير أو شرّ.
قوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٤) ؛ أي أخبرهم بعذاب وجيع ، مكان البشارة للمؤمنين بالنّعيم المقيم ، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٢٥) ؛ أي لكن المؤمنين المطيعين لهم ثواب لا يكدّر عليهم بالمنّ ، ويقال : (غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي لا ينقص على مرّ الدّهور ، ويقال : غير مقطوع ولا منقوص.
آخر تفسير سورة (الانشقاق) والحمد لله رب العالمين