سورة الفتح
سورة الفتح مدنيّة ، وهي ألفان وأربعمائة وثمانية وثلاثون حرفا ، وخمسمائة وستّون كلمة ، وتسع وعشرون آية ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [من قرأ سورة الفتح كان كمن بايع محمّدا صلىاللهعليهوسلم تحت الشّجرة](١).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) (١) ؛ وذلك أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم خرج إلى مكّة يريد العمرة ، وتجهّز معه ناس كثير من أصحابه ومعهم الهدي يسوقونها مع أنفسهم ، فبلغ ذلك قريشا فاستعدّوا ليصدّوه وأصحابه ، فلمّا نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحديبية ، فزع المشركون بنزوله صلىاللهعليهوسلم ، فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثّقفيّ ليأتيهم بالخبر ، فلمّا أتاهم عروة أبصر قوما عمّارا لم يأتوا للقتال ، فرجع إلى قريش وأخبرهم بذلك وهو كاره لصدّهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الكعبة ، فشتموه واتّهموه.
ثمّ بعثوا رجلين آخرين ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [ابعثوا الهدي في وجوههما ولبّوا] فلمّا رجع الرّجلان إليهم قالا لهم مثل ما قال عروة. فبعثوا سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤيّ ، قال صلىاللهعليهوسلم حين أبصره : [هذا رجل فاجر ، وما أرى إلّا قد سهل أمركم]. فلمّا أتاهم سهيل تذاكروا المهادنة والموادعة.
فلمّا كان في وسط النّهار ، أمر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بالبيعة ، فنادى مناديه في العزم : [الآن روح القدس جبريل عليهالسلام نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمره بالبيعة]. فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد جلس تحت الشّجرة ، فبايعه المسلمون وكادت (٢) تلك البيعة في صدور المشركين.
__________________
(١) ذكره الزمخشري أيضا في الكشاف : ج ٤ ص ٣٣٩.
(٢) (كاد) يفعل كذا ، يكاد كودا ، أي قاربه ولم يفعل ، وكاد موضوع لمقاربة الفعل ، فعل أم لم يفعل.