الْكَرِيمِ)؟ لقلت : غرّني كرم الكريم» (١).
قوله تعالى : (فَعَدَلَكَ) (٧) ؛ قرأ أهل الكوفة بتخفيف الدال ؛ أي صرفك إلى أيّ صورة شاء من الحسن والقبح والطول والقصر ، وقرأ الباقون بالتشديد ؛ أي قوّم خلقك ، معتدل الخلق معتدل القامة في أحسن صورة ، كما في قوله تعالى (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)(٢). قوله تعالى : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (٨) أي في شبه أب أو أمّ أو خال أو عمّ.
قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) (٩) ؛ (كلّا) كلمة ردع ، ومعناها لا تغترّ بغير الله تعالى فتترك عبادة الله. وقيل : معناه : حقّا إنّكم لا تستقيمون على ما توجبه نعمتي عليكم ، بل تكذّبون بالإسلام مع هذه النّعم. ويقال : أراد بالدّين ههنا يوم الحساب والجزاء.
قوله تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) (١٠) ؛ ابتداء إخبار من الله ، معناه : وإنّ عليكم رقباء يحفظون أعمالكم وأفعالكم وهم الملائكة. قوله تعالى : (كِراماً كاتِبِينَ) (١١) ؛ أي كراما على الله كاتبين يكتبون أقوالكم وأفعالكم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ما من أحد يأوي إلى مضجعه إلّا شكت أعضاؤه إلى الله تعالى ممّا يجني عليها الإنسان] ، وإنما قال كراما على الله ليكون أدعى إلى احترامهم وإلى الامتناع عن فعل ما يؤذيهم.
قوله تعالى : (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) (١٢) ؛ في الظاهر دون الباطن ، يعني يعلمون ما تفعلون دون ما تعتقدون ، قال ابن مسعود : «يكتبون كلّ شيء حتّى الأنين» ونظيره قوله (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ)(٣).
قوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (١٤) ؛ أراد بالأبرار الصّادقين في إيمانهم ، وأراد بالفجّار الكفار. وقيل : أراد بالأبرار عمّال الإحسان من المؤمنين ، وبالفجّار عمال الإساءة من الفسّاق.
__________________
(١) ينظر : المصدر السابق.
(٢) التين / ٤.
(٣) القمر / ٥٣.