يقرن الرّجل الصّالح مع الرّجل الصّالح في الجنّة ، ويقرن الرّجل السّوء مع الرّجل السّوء في النّار ، فذلك تزويج النّفس» (١) ومنه قوله تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ)(٢) وقرناءهم.
وقال عطاء : زوّجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرنت نفوس الكفّار بالشّياطين ، قال الله تعالى : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً)(٣).
قوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) (٨) ؛ قال الفرّاء : «سئلت الموءودة فقيل لها : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩)» ومعنى سؤالها توبيخ قاتلها ، لا يقول : قتلت بغير ذنب. والموءودة : المقتولة بثقل التّراب الذي يطرح عليها ، ومنه قوله تعالى : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما)(٤) أي لا يثقل حفظ عليه السّموات والأرض ، وكانت العرب تئد البنات من أولادها حيّة ؛ كيلا يخطبن إليهم ، ومخافة الإملاق كما قال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)(٥).
قال المفسّرون : هي الموءودة المقتولة المدفونة حيّة ، سميت بذلك لما يطرح عليها من التّراب فيؤودها ؛ أي يثقلها حتى تموت ، قالوا : وكان الرجل من العرب إذا ولدت له بنت ، فإذا أراد أن يستبقيها ألبسها جبّة من صوف ترعى له الإبل والغنم ، وإذا أراد أن يقتلها تركها حتى إذا صارت سداسيّة ثم يقول لأمّها : طيّبيها وزيّنيها حتى أذهب بها إلى بيت أقاربها ، وقد حفر لها بئرا في الصّحراء ، فإذا بلغ البئر قال لها : انظري إلى هذا البئر فيدفعها من خلفها في البئر ، ثم يهيل عليها التراب حتى يسوّيها بالأرض.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٢٥٢) موقوفا عن عمر رضي الله عنه. وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٩١٦١). وفي أصل المخطوط : سقط منه (مع الرجل الصالح) و (مع الرجل السّوء). وضبطناه كما في جامع البيان.
(٢) الصافات / ٢٢.
(٣) النساء / ٣٨.
(٤) البقرة / ٢٥٥.
(٥) الإسراء / ٣١.