قوله تعالى : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ؛) أي الدّنيا بما فيها من زينتها باطل وغرور ، تفنى وتزول عن قريب ، واللّعب : العمل الذي لا تتعلّق به فائدة ، واللهو : هو الفرح الذي لا يبقى.
قوله تعالى : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ؛) أي تؤمنوا بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، وتتّقوا الفواحش والكبائر ، يؤتكم ثواب أعمالكم كافيا وافيا ، (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) (٣٦) ؛ كلّها في الإنفاق في سبيله ، بل يأمركم بالإيمان والطاعة ليثيبكم الجنّة ، ونظيره قوله تعالى : (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ)(١).
وقيل : معناه : ولا يسألكم محمّد صلىاللهعليهوسلم أموالكم ، وقيل : معناه : ولا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلّها ، إنما يسألكم ربع العشر ، فطيبوا نفسا ، قوله تعالى : (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) (٣٧) ؛ معناه : إن يجهدكم في المسألة ، ويلحّ عليكم ويسألكم جميع أموالكم ، فبخلوا بها ويمنعوا الواجب.
وقوله (وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) التي تحدث في القلوب بسبب البخل ، قال قتادة : (قد علم الله أنّ في مسألة المال خروج الأضغان) (٢). وقوله (أضغانكم) أي بغضكم وعداوتكم لله ولرسوله ، ولكن فرض عليكم يسيرا وهو ربع العشر. والإحفاء في المسألة : هو الإلحاح والتشديد. وقيل : معنى الآية : ولا يسألكم أموالكم لنفسه ، بل يسألكم ليؤتكم أجوركم.
قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ؛) يعني ما فرض عليهم في أموالهم من الزكاة ، (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ ؛) بذلك ، (وَمَنْ يَبْخَلْ ؛) بذلك ، (فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ؛) عاقبة بخله تعود عليه في العقاب ، فيصير بخله على نفسه ، (وَاللهُ الْغَنِيُّ ؛) عن ما عندكم من الأموال وعن أعمالكم ، (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) ، وأنتم محتاجون إلى الله وإلى ما عنده من
__________________
(١) الذاريات / ٥٧.
(٢) ذكره أيضا البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٠٠. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٢٥٧.