قوله تعالى : (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) (١٩) ؛ أي فتحت لنزول الملائكة ، فكانت ذات أبواب ، قرأ أهل الكوفة (وفتحت) بالتخفيف.
قوله تعالى : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) (٢٠) ؛ أي سيّرت على وجه الأرض فصارت كالتّراب المنبثّ ، إذا رآه الناظر يحسبه سرابا بعد شدّتها وصلابتها. والسراب : الغبار المنبثّ في الهواء يحسبه العطشان عند وقوع الشمس أنه ماء وليس بماء.
قوله تعالى : (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) (٢١) ؛ أي طريقا وممرّا للعباد ، ولا سبيل إلى الجنّة حتى تقطع النار ، وقال مقاتل : «إنّ جهنّم كانت محبسا» (١) معدّة (لِلطَّاغِينَ ؛) أي للكافرين ، (مَآباً) (٢٢) ؛ أي مرجعا يرجعون إليه ، وفي الحديث : [أنّها أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها].
قوله تعالى : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) (٢٣) ؛ قرأ حمزة (لبثين فيها أحقابا) ، وقرأ الباقون (لابثين) وهما بمعنى واحد ؛ أي ماكثين فيها مقيمين بها (٢).
واختلف العلماء في معنى الحقب ، فروي عن عبد الله بن عمر : «أنّ الحقب الواحد أربعون سنة ، كلّ يوم منها ألف سنة» ، فهذا هو الحقب الواحد ، وهي أحقاب لا يعلم عددها إلّا الله. وعن عليّ رضي الله عنه : «أنّ الحقب الواحد ثمانون سنة ، كلّ سنة اثنا عشر شهرا ، كلّ شهر ثلاثون يوما ، كلّ يوم ألف سنة» (٣).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [والله ما يخرج من النّار من دخلها من المشركين حتّى يكونوا فيها أحقابا ، والحقب بضع وثمانون سنة ، والسّنة ثلاثمائة وستّون يوما ، كلّ يوم ألف سنة](٤).
__________________
(١) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان : ج ١٠ ص ١١٥. ونقله القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ١٧٧.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ١٧٨ ؛ قال القرطبي : (وقرأ حمزة والكسائي (لبثين) بغير ألف ، وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيدة ، وهما لغتان).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٧٩٣٥).
(٤) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٩٥ ؛ قال السيوطي : (أخرجه البزار وابن مردويه والديلمي عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم). وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٣٩٥ ؛ قال الهيثمي : (رواه البزار وفيه سليمان ابن مسلم الخشاب ، وهو ضعيف جدا).