أي وقّادا متلألئا مشتعلا بالنور العظيم ، تنضج الأشياء بحرّها ، وتضيء للناس بنورها ، والوهج مجمع النور والحرارة.
قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) (١٤) ؛ قال مجاهد ومقاتل وقتادة والكلبي : «المعصرات الرّياح ؛ لأنّها تعصر السّحاب حتّى تخرج منه المطر» (١). قال الأزهريّ : «هي الرّياح ذوات الأعاصير» ، و (من) معناها الباء كأنه قال : بالمعصرات (٢) ؛ ولأن الرياح (٣) تستدرّ المطر ، وقال أبو العالية والربيع والضحاك : «المعصرات السّحاب الّتي ينجلب منها المطر ، كالمرأة المعصورة وهي الّتي دنا حيضها» ، قال الشاعر (٤) :
جارية بإبرقين دارها |
|
قد أعصرت أو قد دنا إعصارها |
يسقط من غلمتها إزارها |
|
تمشي الهوينا ساقطا خمارها |
وقال يزيد بن أسلم : «المعصرات : السّموات» ، وقال ابن كيسان : «المغيّبات».
والماء الثّجّاج : هو السّيّال الصّبّاب ، والثّجّ : الصّبّ ، كما روي في الحديث : [أفضل الحجّ العجّ والثّجّ](٥) أراد بالعجّ : رفع الصوت بالتّلبية ، والثّجّ : إراقة الدّم. وقال مجاهد : «ثجّاجا أي مدرارا» وقال قتادة : «متتابعا يتلو بعضه».
قوله تعالى : (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً) (١٥) ؛ أي لنخرج بالمطر حبّا يأكلونه ونباتا ترعاه أنعامكم ، (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦) ؛ أي بساتين ملتفّة الأشجار ، واحدها لفّ بالكسر ، وجمعه لفّ بالضمّ ، وجمع الجمع ألفاف.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٩٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن جرير وابن الأنباري عن قتادة). وقاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٤٤٠.
(٢) في جامع البيان : الأثر (٢٧٩٠١) أخرجه الطبري بإسناده عن عكرمة : (أنه كان يقرأ وأنزلنا بالمعصرات يعني الرياح).
(٣) في المخطوط : (الريح) والمناسب : (الرياح).
(٤) منظور بن مرثد الأسدي. وعند القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ١٧٣ :
جارية بسفوان دارها |
|
تمشي الهوينى ساقطا خمارها |
(٥) في مجمع الزوائد : ج ٣ ص ٢٢٤ ؛ قال الهيثمي : (رواه أبو يعلى وفيه رجل ضعيف) وله شاهد أخرجه الترمذي في الجامع : أبواب الحج : الحديث (٨٢٧).