فَلْيَكْفُرْ)(١)».
قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (٣٨) ؛ أي كلّ نفس مأخوذة بعملها مرهونة به ، وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما : «مرتهنة في جهنّم» (٢) (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ؛) وهم المؤمنون الّذين يعطون كتبهم بأيمانهم ، فإنّ الله تعالى أعتق (٣) رقابهم من الرّهن وأدخلهم الجنّة.
ويقال : هم الأطفال الذين لا ذنوب لهم فإنّهم غير مرتهنين. وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أطفال المسلمين أين هم؟ قال : [في الجنّة] وسألته عن أطفال المشركين فقال : [إن شئت أسمعتك تضاغيهم (٤) في النّار](٥).
قوله تعالى : (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (٤١) ؛ معناه : في بساتين يتساءلون عن أهل النار ، يقولون لهم : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٤٢) ؛ أيّ شيء أدخلكم النار وحبسكم فيها؟
فيقولون لهم : (قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (٤٣) ؛ في دار الدّنيا ؛ (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (٤٤) ؛ في الله ؛ (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) (٤٥) ؛ وكنا نخوض مع أهل الباطل في الباطل والتكذيب ، (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (٤٦) أي بيوم الحساب ؛ (حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) (٤٧) ؛ فشاهدناه. ويجوز أن يكون اليقين ها هنا الموت الذي يعرف المرء عنده أمر الآخرة.
__________________
(١) الكهف / ٢٩.
(٢) ذكره الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٧٤٨٦) بلفظ : (مأخوذة بعملها.
(٣) في المخطوط : (أفتك) والصحيح (أعتق) وهو المناسب. والفتك : القتل على غرّة ، بفتح الفاء وضمها وكسرها. والفاتك : الجريء. ينظر : مختار الصحاح : (فتك) ص ٤٩٠.
(٤) ضغو) أي البكاء ، وفي الحديث [وصبيتي يتضاغون حولي]. أخرجه البخاري ، ومعناه : يتباكون باكين. قاله الهروي في كتاب الغريبين : ج ٤ ص ١١٣٢.
(٥) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ٢٠٨.