في أوّل الأمر لأنه لم يكن بلغ شيئا من الرسالة ، ثم خوطب بعد ذلك : يا أيّها النبيّ ، يا أيّها الرسول.
قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) (٣) ؛ أي قم للصّلاة ؛ أي صلّ أكثر الليل أو قم نصف الليل أو انقص من النّصف قليلا ، أو انقص من النصف ، (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) ، خيّره الله تعالى في قيام الليل في هذه السّاعات.
قال المفسّرون : معنى قوله (نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) أي انقص من النصف إلى الثّلث أو زد على النّصف إلى الثّلثين ، جعل له سعة في قيام الليل وخيّره في هذه السّاعات ، قال الحسن : «فرض الله على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وعلى أصحابه وهم بمكّة أن يقوموا بثلث اللّيل وما زاد».
سئلت عائشة رضي الله عنها عن قيام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : «أما تقرأون هذه السّورة (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)؟ قالوا : بلى ، قالت : فإنّ الله فرض قيام اللّيل في أوّل هذه السّورة ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتّى انتفخت قدماه ، وأمسك الله خاتمة السّورة اثنى عشر شهرا ، ثمّ ترك التّخفيف في آخر السّورة بعد أن قام النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه حولا ، فصار قيام اللّيل تطوّعا بعد ذلك» (١).
وكان قيامه فرضا قبل أن فرض «الله» الصّلوات الخمس ، ولا خلاف بين المسلمين في أنّ قيام الليل مندوب إليه مرغّب فيه ، قال صلىاللهعليهوسلم : [أحبّ الصّلاة إلى الله تعالى صلاة داود عليهالسلام ، كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه. وأحبّ الصّيام إلى الله تعالى صيام داود ، كان يصوم يوما ويفطر يوما](٢).
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣١٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ومحمد ابن نصر في كتاب الصّلاة والبيهقي في سننه عن سعد بن هشام) وذكره.
(٢) الحديث مطولا ومختصرا أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التهجد : باب من نام عند السحر :ةالحديث (١١٣١) ، وأحاديث الأنبياء : الحديث (٣٤٢٠). ومسلم في الصحيح : كتاب الصيام : الحديث (١٨١ / ١١٥٩) و (١٨٩ / ١١٥٩). وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة ، وهو عند الإمام أحمد وعبد الرزاق.