الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٩) ؛ أي من يحاول الاستماع الآن يجد له كوكبا قد أرصد له يرميه بناره.
قوله تعالى : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) (١٠) ؛ معناه : أنّهم قالوا : لا ندري أنّا رمينا بالشّهب أنّ الله تعالى أراد إنزال العذاب بالناس لمعاصيهم ، أو أراد بعث الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وذلك أنّ السماء لم تحرس قطّ إلّا لنبوّة ، أو لعقوبة عاجلة عامّة.
قوله تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ ؛) أي منّا المطيعون له في أمره ونهيه ، ومنّا أهل المعاصي ، (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) (١١) ؛ أي كنا أهل ملك شتّى مؤمنين وكافرين. وقيل : كنّا جماعات متفرّقين وأصنافا مختلفة. والقدّة : القطعة من الشّيء ، يقال : صار القوم قددا إذا تفرّقت حالاتهم ، قال الحسن : (الجنّ أمثالكم ، منهم مرجئة وقدريّة ورافضيّة وشيعة) (١).
وقال الأخفش : (معنى قولهم (كنّا طرائق) أي ضروبا). وقال أبو عبيد : (أصنافا) ، وقال المؤرج (٢) : (أجناسا). وقال ابن كيسان : (شيعا وفرقا لكلّ فرقة هوى). وقال ابن المسيّب : (كنّا مسلمين ويهودا ونصارى). ويقال : فلان طريقة قومه ؛ أي سيّد مطاع فيهم.
قوله تعالى : (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ ؛) أي إنّا علمنا أن لن نعجز الله في الأرض إذا أراد بنا أمرا ، (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (١٢) ؛ أي إنّه يدركنا حيث كنّا. قوله تعالى : (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ ؛) أي لما سمعنا القرآن آمنّا به ؛ وصدّقنا أنه من عند الله ، (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً ؛) أي لا يخاف نقصانا من ثواب عمله ، (وَلا رَهَقاً) (١٣) ؛ أي ولا ظلما ولا مكروها يخشاه.
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٩ ص ١٥ ذكره القرطبي وعزاه عن السدي.
(٢) في المخطوط : (المؤرخ) والصحيح (المؤرج) وسيأتي ذكره.