الّتي يستنزل بها القطر ، ثمّ قرأ : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً»)(١).
وكان بكر بن عبد الله يقول : (إنّ أكثر النّاس ذنوبا أقلّهم استغفارا ، وأكثرهم استغفارا أقلّهم ذنوبا). وعن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا) (٢).
قوله تعالى : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) (١٣) ؛ أي ما لكم لا تخافون لله عظمة ، وتفعلون ما أمركم به تعظيما له ، وترجون منه بذلك الثواب ، والمعنى : ما لكم لا تعلمون حقّ عظمته فتوحّدوه وتطيعوه ، وقد جعل لكم في أنفسكم آية تدلّ على توحيده من خلقه إيّاكم ، فقال تعالى : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) (١٤) ؛ يعني نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم صبيّا ثم شابّا ثم شيخا ، وقلّبكم في ذلك حالا بعد حال ، قال ابن الأنباريّ : (الطّور : الحال).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) (١٥) ؛ أي مطبقة بعضها فوق بعض ، (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً ؛) قال ابن عبّاس : (وجهه في السّماء وقفاه في الأرض) (٣) ، فالقمر وإن كان في السّماء الدّنيا ، فإنّما يلي السّموات منه يضيء لهم ، وما يلي الأرض منه يضيء لأهل الأرض.
قوله تعالى : (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) (١٦) ؛ أي سراجا للعالم يبصرون بها منافع دنياهم ، كما أنّ المصباح سراج الإنسان في البيت المظلم ، قال
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٧١٣٢).
(٢) في كنز العمال : الحديث (٢٠٨٨) ؛ قال المتقي الهندي : (أخرجه ابن ماجة عن عبد الله بن بسر ، وعن عائشة أخرجه أحمد في الزهد موقوفا). وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء : ج ١٠ ص ٣٩٥ عن عائشة مرفوعا. والخطيب في تاريخ بغداد : ج ٩ ص ١١٢ : الترجمة (٤٧١٧). وأخرجه ابن ماجة في السنن : كتاب الأدب : باب الاستغفار : الحديث (٣٨١٨) عن عبد الله بن بسر بإسناد صحيح.
(٣) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٢٩٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس). وأخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٩١٠) ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.