وقوله تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) (١٧) ؛ قال ابن عبّاس : (ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلّا الله تعالى) (١). قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [اليوم تحمله أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أيّدهم الله بأربعة أخرى فكانوا ثمانية](٢). ومعنى الآية : ويحمل عرش ربك يوم القيامة فوق الأربعة الذين هم على الأرجاء ثمانية. وقال بعضهم : ثمانية من الملائكة على صورة الأوعال من أظلافهم إلى ركبهم كما بين السّماء والأرض (٣).
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ؛) أي تعرضون للحساب ، (لا تَخْفى ؛) على الله ، (مِنْكُمْ ؛) نفس ؛ (خافِيَةٌ) (١٨) ؛ ولا يخفى عليه من أعمالكم شيء. قرأ الكوفيّون غير عاصم (لا يخفى) بالياء ، وقرأ الباقون بالتاء. وقيل : معنى قوله تعالى (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) أي لا تخفى سريرة خافية.
قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) (١٩) ؛ وهم أهل الثّواب ، يعطون كتابهم بأيمانهم فيقول كلّ واحد منهم للناس سرورا بكتابه : تعالوا اقرأوا ما في كتابيه من الثواب والكرامة ، وهذا كلام من بلغ غاية السرور.
ومعنى (هاؤُمُ اقْرَؤُا) أي هاتوا أصحابي اقرأوا كتابيه ، قال ابن السّكيت : (يقال : هاء يا رجل ، وهاؤما يا رجلان ، وهاؤم يا رجال) والأصل هاكم فحذفت الكاف ، وأبدلت منها همزة ، وألقيت حركة الكاف عليها.
وعن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [أوّل من يعطى كتابه من هذه الأمّة عمر بن الخطّاب ، وله شعاع كشعاع الشّمس] فقيل له : فأين أبو بكر؟ فقال : [هيهات هيهات! زفّته الملائكة إلى الجنّة](٤). وعن عائشة رضي الله عنها قالت :
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٩٦٩) عن ابن عباس بأسانيد ، والأثر (٢٦٩٧٠) عن الضحاك.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٦٩٧٢) عن ابن إسحق بلاغا.
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٨ ص ٢٦٧ ؛ قال القرطبي : (ذكره الثعلبي في تفسيره).
(٤) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٨ ص ٢٦٩ ؛ قال القرطبي : (ذكره الثعلبي. وقد ذكرناه مرفوعا ـ من