قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) (٤١) ؛ معناه : ألهم فيما يقولون شهداء وأعوان عليه؟ فليأتوا بشركائهم يشهدون لهم بذلك إن كانوا صادقين في مقالتهم ، وأراد بالشّركاء الأصنام التي أشركوها بالله تعالى.
قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) (٤٢) معناه : يوم يكشف عن الأمور الشدائد وهو يوم القيامة ، وهذا مما كثر استعماله في كلام العرب على معنى يوم يشتدّ الأمر كما يشتدّ ما يحتاج إلى أن يكشف فيه عن ساق ، ومن ذلك قولهم : قامت الحرب على ساق ، وكشفت عن ساق ، وإن لم يكن للحرب ساق.
وانتصب قوله (يَوْمَ يُكْشَفُ) على الظّرف لقوله (فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ) في ذلك اليوم لتنفعهم أو تشفع لهم ، وعن عكرمة قال : (سئل ابن عبّاس عن قوله تعالى (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) فقال : إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشّعر ، فإنّه ديوان العرب ، أما سمعتم قول الشّاعر :
والخيل تعدو عند وقت الإشراق |
|
وقامت الحرب بنا على ساق) (١) |
أي يوم القيامة يوم كرب وشدّة ، وقال ابن قتيبة : (أصل هذا أنّ الرّجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجدّ فيه يشمّر عن ساقيه) فاستعير الكشف عن الساق في موضع الشدّة ، وقال دريد بن الصمّة يرثي أخاه :
كشمس الإزار خارج نصف ساقه |
|
صبور على الجلا طلّاع أنجد |
يقال للأمر إذا اشتدّ وتفاقم وتراكب غمّه وكشف عن ساقه يوم يشتدّ الأمر ، كما يشتدّ ما يحتاج إليه إلى أن يكشف عن ساق.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٢٥٤ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن طريق عكرمة عن ابن عباس) وذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٨٩٥٣). والحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الرقم (٣٨٩٨) ، وقال هذا حديث صحيح الإسناد.