قوله تعالى : (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ ؛) أي هو الذي خلقكم صغارا وربّاكم إلى أن صيّركم كبارا ، (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٢٤) ؛ أي تجمعون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ ؛) أي هذا الحشر الذي تعدنا به ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٥) ؛ أن يكون ذلك ، (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ) بوقت الحشر ، (عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٢٦) ؛ أي مخوّف لكم بلغة تعرفونها.
قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؛) معناه : فلمّا رأوا العذاب قريبا تبيّن السّوء في وجوههم وساءهم ذلك. وقيل : أحرقت وجوه الذين كفروا ، فاسودّت وعلتها الكآبة والقترة. وقيل : معنى (سيئت) قبحت وجوههم بالسّواد ، (وَقِيلَ ؛) لهم : (هذَا ؛) العذاب ، (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ ؛) من أجله ، (تَدَّعُونَ) (٢٧) ؛ الأباطيل والأكاذيب أنّكم إذا متّم ، وكنتم ترابا وعظاما أنّكم لا تبعثون. وقرأ الضحّاك وقتادة ويعقوب (تدعون) مخفّفا ؛ أي تدعون الله أن يأتيكم به ، من الدّعاء وهو قولهم (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) الآية (١).
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٨) ؛ وذلك أنّ الكفّار متمنّون موت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وموت أصحابه ، فقيل لهم : أرأيتم إن أصبتم مناكم فينا بالهلاك ، فمن يجيركم من العذاب الذي لا بدّ نازل بكم ، أتظنّون أنّ الأصنام أو غيرها تجيركم؟ فإذا علمتم أن لا مجير لكم فهلّا تمسّكتم بما يخلّصكم من العذاب وهو الإيمان بالله.
قوله تعالى : (قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا ؛) أي هو الرّحمن الذي نعبده ، ونفوّض أمورنا إليه ، (فَسَتَعْلَمُونَ ؛) في الآخرة ، (مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٩) ؛ نحن أم أنتم.
__________________
(١) الأنفال / ٣٢.