وعن ابن عبّاس قال : (سألت عمر رضي الله عنه فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان اللّتان تظاهرا على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم؟ قال : عائشة وحفصة) (١).
ثمّ أخذ عمر رضي الله عنه يسوق الحديث قال : (كنّا معشر قريش قوما نغلب نساءنا ، فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، قال : فغضبت على امرأتي فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت : وما ينكر أن أراجعك؟ فو الله إنّ أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليراجعنه وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل. قال : فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت : أتراجعين رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالت : نعم ، قلت : وتهجره إحداكنّ اليوم إلى اللّيل؟ قالت : نعم ، قلت : أفتأمن إحداكنّ أن يغضب الله لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت؟! لا تراجعي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسليني ما بدا لك ، ولا يغرّك إن كانت جارتك هي أوسم وأحبّ إلى رسول الله منك) يعني عائشة رضي الله عنها (٢).
قرأ أهل الكوفة (تظاهرا عليه) بالتخفيف ، وقرأ الباقون بالتشديد.
وقوله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ ؛) هذا إيعاد وتخويف لحفصة وعائشة وسائر أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وعد النبيّ صلىاللهعليهوسلم بخير منهنّ إن أحوجنه إلى مفارقتهن ، و (عسى) من الله واجبة ، (مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ ؛) نعت للأزواج اللاتي كان يبدّله لو طلّق نساءه ، ومعنى (مسلمات) أي خاضعات لله بالطاعة ، مسلمات لأمر الله وقضائه ، أي مصدّقات مؤمنات بتوحيد الله بالألسن والقلوب ، (قانِتاتٍ ؛) أي طائعات لله والنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، (تائِباتٍ ؛) أي راجعات إلى ما يحبّه الله ، (عابِداتٍ ؛) لله متذلّلات لله ولرسوله ، (سائِحاتٍ ؛) أي صائمات ، (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (٥) ؛ ظاهر المراد.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً ؛) أي يا أيّها الذين آمنوا ادفعوا عن أنفسكم وأهليكم نارا ، (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ،
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير : الحديث (٤٩١٥).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٦٦٧٥).