به في الهجرة لم ينفق عليهم ، فأنزل الله تعالى (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قوله تعالى : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ؛) أي بلاء وشغل عن الآخرة ، والإنسان بسبب المال والولد يقع في العظائم ويتناول الحرام إلّا من عصمه الله ، (وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١٥) ؛ إن لم يشغله ماله وولده عن طاعة الله.
وعن بريدة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المنبر ، فحملهما فوضعهما بين يديه ، ثمّ قال : [صدق الله عزوجل (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) نظرت إلى هذين الصّبيّين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر عنهما حتّى قطعت حديثي ورفعتهما] ثمّ أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في خطبته (١).
قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ؛) أي اتّقوا الله جهدكم وقدّروا سعيكم باجتناب محارمه وأداء فرائضه وجميع طاعاته ، (وَاسْمَعُوا ؛) ما تؤمرون به ، (وَأَطِيعُوا ؛) أمر رسوله ، (وَأَنْفِقُوا ؛) من أموالكم في طاعة الله يكن ذلك ، (خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ ؛) لأنّ نفع الآخرة أعظم ، ويقال : الخير ها هنا المال ، كأنّه قال : أنفقوا مالا من أموالكم ، وهذه الآية نسخت قوله تعالى (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)(٢).
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٦) ؛ أي من يدفع عنه بخل نفسه فأولئك هم المزكّون لطلبتهم. والشّحّ الذي في اللغة : منع الواجب ، ومن الشّحّ أن يعمد الرجل إلى مال غيره فيأكله.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف : ج ٦ ص ٣٨٢ : الحديث (٣٥٧٩). والإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣٥٤. وأبو داود في السنن : كتاب الصلاة : باب قطع الخطبة للأمر يحدث : الحديث (١١٠٩). وابن ماجة في السنن : كتاب اللباس : باب لبس الأحمر : الحديث (٣٦٠٠). وابن حبان في الإحسان : كتاب الفرائض : باب ذوي الأرحام : الحديث (٦٠٣٨). وقال الشيخ شعيب : (إسناده حسن : مؤمل بن إهاب : روى له أبو داود والنسائي وهو حسن الحديث وقد توبع عليه : ومن فوقه من رجال الصحيح).
(٢) آل عمران / ١٠٢.