قوله تعالى : (مصدّقا) نصب على الحال ؛ أي في حال تصديقي بالتّوراة التي أوتيها موسى عليهالسلام من قبلي ، وفي حال تبشيري برسول من بعدي يأتي اسمه أحمد.
وذلك أنّ الحواريّين قالوا لعيسى عليهالسلام : يا روح الله هل من بعدنا من أمّة؟ قال : نعم ؛ أمّة أحمد. قالوا : يا روح الله وما أمّة أحمد؟ قال : حكماء علماء أبرار أتقياء ؛ كأنّهم من الفقه أنبياء ، يرضون من الله باليسير من الرّزق ، ويرضى الله منهم باليسير من العمل ، ويدخلهم الجنّة ب لا إله إلّا الله.
وفي تسمية نبيّنا عليهالسلام أحمد قولان : أحدهما : أنّ الأنبياء كانوا حمّادين لله تعالى ، ونبيّنا صلىاللهعليهوسلم أحمد ؛ أي أكثر حمدا لله منهم ، فيكون معنى أحمد المبالغة في الفاعل.
والثاني : الأنبياء كلهم محمودون ، ونبيّنا عليهالسلام أكثر مناقبا للفضائل ، فيكون معناه مبالغة من المفعول ، يعني إنه يحمد بما فيه من الأخلاق والمحاسن أكثر مما يحمد غيره.
قال صلىاللهعليهوسلم : [إنّ لي أسماء : أنا أحمد ؛ وأنا محمّد ؛ وأنا الماحي الّذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الّذي يحشر النّاس على قدميّ ، وأنا العاقب الّذي ليس بعدي نبيّ](١).
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٨) ؛ معناه : وأيّ ظلم من الكفرة ممن افترى على الله الكذب بأن جعل لله شريكا أو ولدا وهو يدعى إلى دين الإسلام ، والله يرشده إلى دينه ، ومن كان في سابق علمه أنه يموت على الكفر.
وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٩) ؛ أي هو الّذي أرسل محمّدا صلىاللهعليهوسلم بالقرآن والدّعاء إلى
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : الحديث (١٥٢٠ ـ ١٥٣٠). وعبد الرزاق في المصنف : ج ١٠ ص ٤٤٦ : الحديث (١٩٦٥٧). والإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ٨٠ و ٨٤. والبخاري في الصحيح : كتاب المناقب : باب ما جاء في أسماء النبي صلىاللهعليهوسلم : الحديث (٣٥٣٢) ، وفي كتاب التفسير : سورة الصف : الحديث (٤٨٩٦).