وغلبة ، وكانت في بدء الإسلام لعامة الغانمين المسلمين دون الغانمين الموجفين عليها ، ثم نسخ الله ذلك بقوله تعالى في سورة الأنفال (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ)(١) والآية التي قبل هذه الآية في بيان حكم أموال بني النضير خاصّة ، وهذه الآية في بيان حكم جلب الأموال التي أصيبت بغير قتال ولم يوجف عليها بالخيل والجمال.
وقال آخرون : هما واحد ، والثانية بيان قسم المال الذي ذكر الله تعالى في هذه الآية الأولى ، والغنائم كانت في بدء الإسلام لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يصنع بها ما يشاء ، كما قال تعالى (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ)(٢) ثم نسخ ذلك بقوله (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) الآية ، فجعل أربعة أخماسها للغانمين يقسم بينهم ، وأما الخمس الباقي فيقسمه على خمسة أسهم : سهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لبني السّبيل.
وقوله تعالى : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ؛) معناه : كي لا يكون الفيء متداولا بين الأغنياء منكم ، والفرق بين الدّولة والدّولة بفتح الدال عبارة عن المدّة من الاستيلاء والغلبة ، والدّولة اسم للشيء المتداول ، والمعنى : كي لا يتداوله الأغنياء منكم ، يكون لهذا مرّة ولهذا مرة ، كما يعمل في الجاهليّة ، وكانوا إذا أخذوا غنيمة أخذ الرئيس ربعها وهو الرّباع ، والأغنياء والرّؤساء ، وقال مقاتل : (كي لا يغلب الأغنياء الفقراء فيقسمونه بينهم).
ثم قال : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ ؛) من الفيء والغنيمة ، (فَخُذُوهُ ؛) فهو حلال لكم ، (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ ؛) أي عن أخذه ، (فَانْتَهُوا ؛) وهذا نازل في أمر الفيء ، ثم هو عامّ في كلّ ما أمر الله به النبيّ صلىاللهعليهوسلم ونهى عنه ، قال الحسن في قوله : (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) : (يعني ما نهاكم عنه من الغلول) (٣). وقوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ ؛) معناه : اتّقوا عذاب الله ، (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٧) ، إذا عاقب فعقوبته شديدة.
__________________
(١) الآية ٤١.
(٢) الأنفال / ١.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٢٣٥).