يفّرق جمعنا ، وكان من حقّه أن يقول : نحن جميع منتصرون ؛ إلّا أنه تبع رؤوس الآي. وقوله تعالى (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) قراءة الكافّة بالياء على ما لم يسمّ فاعله. وقرأ يعقوب بالنون وكسر الزاي (الجمع) بالنصب.
وإنما وحّد الدّبر لأجل رؤوس الآي ، قال مقاتل : (ضرب أبو جهل فرسه يوم بدر وتقدّم الصّفّ ، وقال : نحن ننتصر اليوم من محمّد وأصحابه ، فهزمهم الله تعالى) (١).
قوله تعالى : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) (٤٦) ؛ فيه بيان ما نزل بهم من القتل والأسر ببدر لم يكن كافيا في عقوبتهم ، بل القيامة موعدهم ، والقيامة أعظم في الدّهاء وأشدّ مرارة من القتل والأسر في الدّنيا ، وكلّ داهية فمعناها الأمر الشّديد.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٤٧) ؛ أراد بالضّلال الذهاب عن الصّواب في الدّنيا ، وبالسّعر عذاب النار في العقبى.
وقوله تعالى : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ؛) يوم تجرّهم الملائكة في النار على وجوههم فيقول لهم : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) (٤٨) ؛ وسقر اسم من أسماء دركات جهنّم.
قال أبو أمامة : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [إنّ هذه الآية نزلت في القدريّة : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ)](٢).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [مجوس هذه الأمّة القدريّة ، وهم المجرمون الّذين سمّاهم الله (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ)](٣).
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٣٠١.
(٢) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٦٨٣ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن عدي وابن مردويه وابن عساكر والديلمي بسند ضعيف).
(٣) لم أقف عليه. عن عائشة رضي الله عنها ، وله طرق وألفاظ.