قوله تعالى : (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) (٥٦) ؛ يعني محمّد صلىاللهعليهوسلم من النّذر الأولى من الرّسل قبله ، والمعنى : هذا الرسول نذير لكم مجراه في الإنكار مجرى من تقدّمه من الأنبياء عليهمالسلام.
وقوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) (٥٧) ؛ أي دنت القيامة واقتربت. قوله تعالى : (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) (٥٨) ؛ أي ليس للقيامة إذا غشيت الخلق شدائدها أحد يكشف عنهم ، وهذا قول عطاء والضّحاك (١) وقتادة وثابت ، (كاشفة) على تقدير : ليس لها نفس كاشفة ، ويجوز قوله (كاشفة) مصدرا كالجاثية والعاقبة ؛ أي (ليس لها من دون الله كاشفة) أي لا يكشف عنها غيره ، ولا يعلم متى هو إلّا هو ، وهذا كقوله (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ)(٢).
قوله تعالى : (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) (٦٠) الخطاب لمشركي قريش ، والمعنى : أفمن هذا القرآن الذي يتلى عليكم تعجبون من إنزاله على محمّد تكذيبا ، وتضحكون استهزاء ولا تبكون مما فيه من الوعيد والزّواجر والتخويف.
قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) (٦١) ؛ أي لاهون غافلون عنه ، يقال : دع عنك سمودك ؛ أي لهوك ، قال أميّة :
ألا أيّها الإنسان إنّك سامد |
|
لا تفنى ولا أنت هالك |
والسّمود : هو الغفلة والسّهو عن الشيء ، وقال الكلبيّ : (السّامد : الجدّ (٣) بلسان قريش ، وبلسان اليمن : اللّاهي) ، قال الضحّاك : (سامدون : أي أشرون بطرون) (٤) ، وقال مجاهد : (سامدون ؛ أي مبرطمون) (٥) ، والبرطمة : أن يدلي الإنسان شفته من الغضب ، وفي لغة اليمن : أسمد لنا ؛ أي أعن لنا.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٦٦٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن المنذر عن الضحاك) وذكره.
(٢) الأعراف / ١٨٧.
(٣) في المخطوط : (الجدر).
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٥١.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٥٢٨٥).