سمائين خمسمائة ، وفي السّماء السّابعة بحر عمقه مثل ذلك كلّه ، فيه ملك قائم لم يجاوز الماء كفّيه](١).
قوله : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (٤٣) ؛ أي أضحك من شاء من خلقه ، وأبكى من شاء منهم ، وقال الكلبيّ : (أضحك أهل الجنّة فيها ، وأبكى أهل النّار فيها). وقال عطاء : (معناه : وإنّه هو أفرح وأحزن). وقال الضحّاك : (أضحك الأرض بالنّبات ، وأبكى السّماء بالمطر). وقيل : أضحك الأشجار بالأثمار ، وأبكى السّحاب بالأمطار).
وقال ذو النّون : (أضحك قلوب العارفين بشمس معرفته ، وأبكى قلوب العاصين بظلمة نكرته ومعصيته). وقال سهل : (أضحك المطيع بالرّحمة ، وأبكى العاصي بالسّخط). وسئل ظاهر المقدسيّ : أتضحك الملائكة ؛ فقال : (ما ضحكت من دون العرش منذ خلق الله جهنّم).
وقيل لعمر رضي الله عنه : هل كان أصحاب رسول الله يضحكون؟ قال : (نعم ، والإيمان والله أثبت في قلوبهم من الجبال الرّواسي) (٢). وقال محمّد بن علي الترمذي : (معنى الآية : هو أضحك المؤمن في الآخرة وأبكاه في الدّنيا ، وأضحك الكافر في الدّنيا وأبكاه في الآخرة) (٣).
قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا) (٤٤) ؛ أي أمات في الدّنيا وأحيا في البعث للجزاء. وقيل : أمات الآباء وأحيا الأبناء. وقيل : أمات الكافر بالنكدة والقطيعة ، وأحيا المؤمن بالمغفرة والوصلة ، قال الله (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ)(٤).
__________________
(١) لم أجده بهذا اللفظ ، وروى الطبراني في الأوسط : ج ٦ ص ٦٣١٥ عن ابن عمر : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : [تفكّروا في آلاء الله ولا تفكّروا في الله]. ورواه أبو الشيخ في العظمة : ص ١٧.
(٢) ذكر هذه الآثار البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٥٠. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ١١٦ ـ ١١٧.
(٣) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ١١٧.
(٤) الانعام / ١٢٢.