من قريش حتّى أسألهم عن ما تقولان ، وأخرجا لي بعض آبائي وأجدادي من قبورهم لأسألهم ، فإن صدّقو كما آمنت) (١).
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ ؛) أي وجبت عليهم كلمة العذاب في أمم قد مضت من قبلهم ، (مِنْ ؛) كفار ، (الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) (١٨) ؛ الإيمان. ثم أسلم عبد الرحمن وحسن إسلامه ، وكان من أفاضل المؤمنين.
وذهب الحسن إلى أنّ الآية نزلت في كافر عاقّ لوالديه مكذّب للبعث (٢) ، مات على كفره ، قال : (لأنّ قوله (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) إعلام بأنّهم لا يؤمنون) وإلى هذا القول ذهب الزجّاج (٣).
ويروى أن معاوية كتب إلى مروان : (لتأخذنّ على النّاس البيعة ليزيد) فكره ذلك عبد الرّحمن وقال : (أتأخذون البيعة لأبنائكم؟!) قال مروان : هذا الّذي يقول الله فيه (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) فلمّا بلغ ذلك عائشة فقالت : (كذب مروان! والله ما هو به ، إنّما أنزل الله ذلك في رجل من بني أميّة ، ولو شئت أن أسمّيه لسمّيته لكم ، ولكن أشهد أنّ الله لعن أباك وأنت في صلبه ، فهو في قصص من لعنه الله) (٤).
__________________
(١) في التفسير الكبير : ج ١٠ ص ٣٢٩٥ نقله ابن أبي حاتم عن السدي. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ١٩٧ ؛ قال القرطبي : (قال ابن عباس والسدي وأبو العالية ومجاهد) وذكره.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٤١٩٢).
(٣) في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٣٣٨ ؛ قال الزجاج : (فقال بعضهم : إنها نزلت في عبد الرحمن قبل إسلامه ، وهذا يبطله قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ ...) فأعلم الله أن هؤلاء قد حقت عليهم كلمة العذاب ، وإذا أعلم بذلك فقد أعلم أنهم لا يؤمنون ، وعبد الرحمن مؤمن ، ومن أفاضل المؤمنين وسرواتهم. والصحيح أنها نزلت في الكافر العاق).
(٤) القصة لها ألفاظ وإيجاز وتفصيل ، في الدر المنثور : ج ٧ ص ٤٤٤ ؛ قال السيوطي : (أخرج البخاري عن يوسف بن ماهك) وذكر القصة بلفظ : أن عبد الرحمن بعد أن أنكر على مروان ، أمر مروان بأخذه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدر عليه ، وجرى الحديث. ينظر : الصحيح : كتاب التفسير : الحديث (٤٨٢٧). وفي الشرح قال ابن حجر : (لكن نفي عائشة أن تكون نزلت في عبد الرحمن وآل بيته ، أصح إسنادا وأولى بالقبول).