وبالجملة : فهو في البعد أظهر كما نصّ عليه أهل اللُّغة من الفرق بينه وبين (لدی) ؛ بأن الأخير لا يستعمل إلا في الحاضر ، بخلاف الأول (١).
فقد تحقّق من جميع ما ذكرناه : أنَّ الأقوى والأظهر هو أنّ التخيير غير مختصٍّ بما خصّه به المشهور من الاقتصار فيه على ما حوته القُبَّة الشريفة ، والصحن الشريف. كما هو اختيار غير واحد من المتقدّمين كالشيخ ، وابن حمزة ، وجماعة اُخرى ، ويحيى بن سعيد الحلِّي [والمحقِّق] (٢) في كتاب له في السفر ، والحرّ العاملي في (الوسائل) ، وأصرّ عليه الفاضل النراقي في المستند ، وقطع به في آخر كلامه (٣). وهو اختيار غير واحد من أفاضل المعاصرين كالسيد النوري في شرح (نجاة العباد) والشيخ أبي الفضل الرازي في كتاب (شفاء الصدور في شرح زيارة عاشور) (٤) ، فلا وجه للاحتياط بالاقتصار على القدر المتيَّقن كما هو عمدة دليل المشهور.
مشهد ابن حمزة
وكيف كان : ففي خارج كربلاء موضع معروف ، وهو على ما في (فلك النجاة) (٥) ، مشهد الشيخ نصير الدين علي بن حمزة بن الحسن الطوسي ، فاضل
__________________
(١) ينظر : الإتقان في علوم القرآن ١ : ٤٨٤.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة منا لإتمام المعنى.
(٣) المبسوط ١ : ١٤١ ، النهاية : ١٢٤ ، الوسيلة : ١ ، الجامع للشرائع : ٣ ، وحكى الشهيد عن المحقق في الذكرى ٤ : ٢٩١ ، وسائل الشيعة ٨ : ٥٢٤ باب تخيير المسافر في الأماكن الأربعة ، مستند الشيعة ٨ : ٣١٣.
(٤) وسيلة المعاد ٣ : ٦٣١ ، شفاء الصدور (المعرب) ١ : ٤٢.
(٥) كتاب المزار من فلك النجاة : ١٣.