وفي سنة ١٣٢٠ : طلبت الحكومة التركية الأنابيب الحديدية لتناول الماء من نهر الكوفة إلى النَّجف بمسافة خمسة أميال ، وجلبت الأنابيب من شركة (جرمن) ، وعند تكامل أكثرها في الندف ، وقعت الحرب العظمى ، فكانت الضربة القاضية على ذلك المشروع والأنابيب مطروحة على الجادة ، ما بين النَّجف والكوفة. وقد علا جملة منها الرمال ، وسترها التراب. ولعل بعد تطاول السنين إذا اتفق انكشاف بعضها بسبب من الأسباب ، وخرجت من تحت التراب بموجب تحيّر غير المطَّلع على حقيقة الحال (٢).
وفي سنة ١٣٤٦ بذل التاجران الكبيران : الحاج أقا محمّد الملقَّب بمعين التجار البو شهري ، وعمدة التجار الحاج رئيس ، الأموالَ الباهظة لجلب الأنابيب الحديدية مع الماكنة التي تسوق الماء من شط الفرات بالكوفة في الأنابيب ، وتوصلها إلى النَّجف. وقد كمل عملها وتركيبها ، وجرى الماء في يوم الأربعاء ٢٢ جمادى الثانية سنة ١٣٤٨ (٣).
__________________
(١) قال مصنّف كتاب تاريخ النجف الأشرف ١ : ٢١٧ تعليقاً على هذا الكلام ، ونصّه : (ومن عجيب ما وقفت عليه من الأقوال : ما كتبه السيِّد جعفر بحر العلوم المتوفى سنة ١٣٧٧ هـ ، في كتابه تحفة العالم ، قال ما نصّه ـ وذكر تمام قوله ـ) أقول : لم يكن الحاج نجم ومجموعته إلا الجناح العسكري لجمعية النهضة الإسلامية ، والتي كانت تستمد آراءها وتوجيهاتها من علماء مخلصين كالعلامة الشيخ محمّد جواد الجزائري ، يسانده الزعيم الشجاع محمّد علي بحر العلوم ، وقد أدّوا واجبهم الشرعي في الدفاع عن أرض المسلمين بعد ما رأوا الجيوش الإنكليزية وقد وطأت أرض الغري المقدسة ، واستهترت بمقدرات الناس وكراماتهم ، وأوغلت في الاعتداء على الأشراف وأبناء العلم ، لتصبح ثورة النجف هذه الخطوة الأولى لثورة العراق الكبرى ونيل العراق استقلاله.
(٢) ينظر : تاريخ النجف الأشرف ١ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، وفيه أن السنة كانت ١٣٣٠ هـ.
(٣) ينظر : تاريخ النجف الأشرف ١ : ٣١٣ ـ ٣١٥.