تقطعوها ، فإنَّ في صلة الرحم منسأةً للأجل وزيادةً للعلم ، واتركوا البغي والعقوق فبهِما هَلَكَتِ القرونُ قبلَكُم ، وأجيبوا السائل وأعطوا الداعي فإنّ فيهما شرفَ الحياة والممات ، وعليكم بالصدق في الحديث ، وأدُّوا الأمانة ، فإنَّ فيهما محبّةً للخاص ومَكْرُمَةً للعام. وإنِّي اُوصيكم بمحمّد خيرا ، فإنَّه الأمين في قريش ، والصدِّيق في العرب ، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به ، وقد جاء بأمر قَبِلَهُ الجَنانُ ، وأنكره اللّسان مخافة الشنآن.
وأيمُ اللهِ : كأنَّي أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الوبر في الأطراف والمستضعفين من الناس قَدْ أجابوا دعوته ، وصدَّقوا كلمته ، وعظّموا أمره ، فخاض بهم غمرات الموت ، فصارت رؤساء قريش وصنادیدها أذناباً ، ودورها خراباً ، وضعضاؤها أرباباً ، وأعظمهم عليه أحوجهم إليه ، وأنفرهم منه أحظاهم عنده ، قَدْ مَحَضَتْهُ العربُ ودادَها ، وأصفت له فؤادها ، وأعطت له قيادها دونكم.
يا معشر قريش ، وكونوا له ولاة ، ولحزبه حماة ، والله لا يسلك أحدكم سبيله إلّا رَشُدَ ، ولا يأخذ أحد بهديه إلا سَعِدَ ، ولو كان لنفسي مَدَّةٌ أو لأجلي تأخيرٌ لكففتُ عنه الهزاهز ، ولدفعت عنه الدواهي ، ثُمَّ هلك) (١).
قال الخفاجي : (ومن الغريب هنا ما قاله القرطبي : سمعت أنَّ الله أحيا للنبيّ صلىاللهعليهوآله عمَّه أبا طالب فآمن به. كذا في شرح البخاري للعيني في التفسير من سورة (التوبة)) ، انتهى (٢).
وأما عند الشيعة فإيمانه من المسلَّمات ، بل ضروري.
__________________
(١) طراز المجالس : ٢ ، ثمرات الأوراق ١ : ٢٧ ، روضة الواعظين : ١٣ عن الإمام الصادق عليهالسلام مرسلاً نحوه ، السيرة الحلبية ٢ : ٤٩ ، تاریخ الخميس ١ : ٣ ، الدرجات الرفيعة : ٦٠ عن الكلبي.
(٢) طراز المجالس : ٢ ، عمدة القاري ١ : ٢٧٧.