وفي غيبته الصغرى كانت السُّفراء تتشرَّف بخدمته ، وتأخذ منه الأحكام ، وتظهر منه المعجزات ، ومن أوّل إمامته إلى آخر غيبته الصغرى أربعٌ وسبعون سنة ، وفي سنة ٣٢ توفّي علي بن محمّد السيمري (١) ، فوقعت الغيبة الكبرى.
وبالجملة فالمستفاد من مجموع هذه الأخبار ، وسائر ما لم نذكره : أنه ينبغي أن نعتقَدْ في أئمّتنا عليهمالسلام أن أجسامهم كأجسامنا ولا نقيس أطوارهم وأحوالهم بأنفسنا ، وما أحسن من قال :
کار باکان را قياس ازخود مگير |
|
گر چه با شد در نوشتن شير شبر |
هست يك شيري کآدم ميخورد |
|
شير ديگر هست کآدم ميخورد |
وفي الأخبار الكثيرة ما يدلّ على تفويض بعض الشرائع إليهم ، بمعنی كونهم نوّاباً عن الله تعالى فيه بحسب ما تقتضيه عقولهم المقَدْسة ، بل ربّما ظهر من كثير منها عموم التفويض حَتَّى من غير الشرائع أيضاً كما صحّ : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قسيم الجنة والنار (٢) ، بل قاسم الأرزاق بين العباد ، كما ورد ذلك في بعض الملائكة أيضاً (٣).
وليس هذا من التفويض الَّذي تقوله (المفوِّضة) لعنهم الله ، فإنّهم يقولون : (إنّ الله خلق محمّداً صلىاللهعليهوآله وفوّض إليه أمر خلق الدنيا ، وهو الخلّاق لما فيها ، وبعض منهم يقول : فوّض ذلك إلى عليّ عليهالسلام ، بل ربّما نَسب بعضهم ذلك إلى سائر الأئمّة أيضاً) (٤).
__________________
(١) كذا ضبط في بعض المصادر كجامع الرواة والمشهور : (السمري) ، فتأمّل.
(٢) ينظر : بصائر الدرجات : ٤٣٤ ففيه بابٌ خاصٌ لهذا الحديث.
(٣) ينظر : بحار الأنوار ٥٦ : ٢٠٤.
(٤) تعليقة على منهج المقال للبهبهاني : ٤٠٠ في معنى المفوضة.