أقول :الآي جمع آية ، كالآيات ، والآيا ، والآية : العلامة ، والأصل أوَيَة بالتحريك ، ففيه تنبيه على أنّ العلم أشرف الصفات الإنسانيّة ، كأنّه تعالى يقول : الإيجاد ، والإحياء ، والقدرة ، والرزق كرم وربوبيّة.
أمّا الأكرم : هو الَّذي أعطاك العلم ، لأنّ العلم هو النهاية في الشرف ، ثُمَّ المنقول عن بعض المفسرين أنّ ها هنا نكتة ، وهي : (أنّ أوّل هذه السورة دلّ على فضيلة العلم ، وبعدها مذمَّة المال ، فكفى ذلك مرغّباً في العلم ، منفّراً عن الدنيا) (١).
في فضل الكتابة
قيل : المراد من قوله عزَّ وجلَّ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، الكتابة التي تُعرف بها الأُمور الفانية ، والقلم كنابة عنها ، أو على حذف المضاف ، أي : الكتابة بالقلم.
وأوّل من خطّ به إدريس عليهالسلام ، وكيف كان ففيه تنبيه على فضيلة الكتابة ، فأخبر تعالى : أنّه علّم بالقلم ؛ إذ وصف نفسه بالكرم إشارة إلى أنّ تعليمها من جزيل نعمه ، وإيذاناً بأن منحها من فائض ديمه.
وقال تعالى : وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ (٢) ، فجعل الكتابة من وصف الكرام ، كما قَدْ جاء فعلها أيضاً من جماعة الأنبياء. وإنّما منعها النبي صلىاللهعليهوآله معجزة قَدْ بيّن تعالى سببها حيث ذكر إلحادهم بقوله : وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا ... (٣).
ويُروى أنّ سليمان عليهالسلام سأل عفريتاً عن الكلام؟
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٩.
(٢) الانفطار : ١٠ ـ ١١.
(٣) سورة الفرقان : من آية ٥.