أطنَبَ فيها أبلغ إطناب وزاد على المتعارف ، وهو أن يقول في وقوع كلّ ممكن على نظام مخصوص لآيات للعقلاء ، وما كان زائداً على أصل المراد لغير فائدة ، ولا يكون اللفظ الزائد متعيِّناً هو الإطناب الممل الغير المستحسن ، كقول ابن الأبرش يذكّر غدْر الزبّاء بجَذِيمة بن الأبرش (١) :
وقدَّدتِ الأَدِيمَ لِراهِشَيْهِ |
|
وألفى قَوْلَها كَذِباً وَمِيْنا (٢) |
الكذب والمَيْن : بمعنى واحد ، ولا فائدة في الجمع بينهما فأحدهما لا على التعيين زائد.
قصة الزباء
ولهذا البيت قصة مذكورة في كتب التاريخ وهي أنَّ عَدي ـ بالفتح ـ بن زيد العبادي يذكر حال الزبّاء مع جَذِيمة الأبرش وجَذِيمة ـ بفتح الجمي وكسر الذال المعجمة ـ والأبرش لقبه ؛ لأنه كان به برص فهابت العرب أن تلقبه بالأبرص ، فأبدلوا الصاد شيناً ، وكان قَدْ ملك العراق.
وقيل : إنّه أوّل من أوقد الشمع في مجلسه ، وأوّل من نصب المنجنيق في الحصار من العرب ، فكان ملكه قبل المسيح عليهالسلام ، وقيل : بعده بمدّة يسيرة ، وكان من أمره أنّه حارب ملك الجزيرة وأعمال الفرات ومشارق الشام.
ويقال لذلك الملك : عمرو بن الضرب بن حسان العميلقي ، فجرى بينه وبين جّذِيمة حروب فانتصر جّذِيمة عليه وقتل عمراً. وكان لعمرو بنت تُدعى
__________________
(١) هذا القول هو لعدي بن زيد العبادي وليس لابن الأبرش ، وإلا فالنص لا يستقيم. (ينظر : التبيان ١ : ٢٤٢ ، أمالي المرتضى ٢ : ٢٢٣ ، الصحاح ٦ : ٢٢١٠ ، لسان العرب ١٣ : ٤٢٥ ، تاج العروس ١٨ : ٥٥٨)
(٢) ينظر : «ديوان عدي بن زيد العبادي : ١٨٣ ، وفيه : (وقدّمت الأديم).