انطلقوا يطلبونه فلم يجدوه ، فأتوا علماءهم وذكروا لهم أمره وأمرهم ، فقالت العلماء : انظروا في المدينة فإن كان بها فليس ممّا قال لكم شيء ؛ لأنّه لم يكن يجلس فيها والعذاب ينزل بها وإن كان قد خرج فهو كما قال والعذاب (١) مصبّحكم ، قال : فطلبوه فقيل لهم : قد رأيناه (٢) خرج بالعشيّ منطلقا ، فسألوا بني إسرائيل عنه ، فقالوا : ما قال لنا شيئا إلّا كما قال لكم ، فلمّا أمسوا أغلقوا باب مدينتهم فلم يدخلها بقرهم ولا غنمهم وعزلوا الوالدة عن ولدها والوالد عن ولده وعزلوا النّساء والصّبيان ، وكذلك الأولاد من الأمّهات من البقر والغنم ، وقاموا ينتظرون الصّبح فلمّا انشقّ الصّبح نظروا إلى العذاب ينزل من السّماء وهو شيء أحمر ، فشقّوا جيوبهم ووضع الحوامل ما في بطونها وصاحت الصّبيان وثغت الأغنام وخارت البقر ، وجعل العذاب ينزل عليهم حتى غشيهم ووجدوا حرّه في أكتافهم ، ثمّ رفع عنهم فبعثوا إلى يونس بن متّى (٣) عليهالسلام فأتاهم فآمنوا به وصدّقوه وبعثوا معه بني إسرائيل ، فذلك قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ (٤) فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ) يقول : رفعنا عنهم العذاب (٥).
(وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) : يقول : وأجّلناهم إلى الموت (٦) ، عرف الله الصّدق منهم فرفع العذاب عنهم ولم يقبله من غيرهم (٧).
وعن محمّد بن المنكدر أنّه بلغه أنّ الحوت لمّا التقم يونس عليهالسلام أوحى الله إلى الحوت أن لا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما (٨).
٩٩ ـ (جَمِيعاً) : نصب على التّأكيد بعد التّأكيد (٩).
(أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) : أي : لست تكرههم (١٠) ليؤمنوا.
١٠١ ـ (قُلِ انْظُرُوا) : أي : تفكّروا (١١).
__________________
(١) في ك : فالعذاب كما قال ، بدل (فهو كما قال والعذاب).
(٢) في ع : رأينا ، وبعدها : (خرج) ساقطة من ك.
(٣) (بن متى) ليس في ب.
(٤) ليس في ب.
(٥) ينظر في قصة يونس عليهالسلام وقومه : البدء والتاريخ ٣ / ١١٠ ـ ١١٣ ، وتفسير البغوي ٢ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، ومجمع البيان ٥ / ٢٢٩ ـ ٢٣١.
(٦) ينظر : تفسير الطبري ١١ / ٢٢٤ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٣١٩ ، والوجيز ١ / ٥٠٩.
(٧) ينظر : تفسير الطبري ١١ / ٢٢١ ، وزاد المسير ٤ / ٥٧ ، وفتح القدير ٢ / ٤٧٥.
(٨) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ٣٦٩ ، والقرطبي ١١ / ٣٣٣.
(٩) ينظر : معاني القرآن للأخفش ٢ / ٥٧٤ ، وتفسير الطبري ١١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، وزاد المسير ٤ / ٥٧.
(١٠) في ع : أكرههم.
(١١) (أي : تفكروا) ساقطة من ع. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٥ / ٤٣٧ ، ومجمع البيان ٥ / ٢٣٤ ، وفتح القدير ٢ / ٤٧٦.