يقتلهما (١) ، فجاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تشكوه والنّبيّ صلىاللهعليهوسلم يصلّي صلاة (١٣٧ و) الضّحى ، وذلك قبل أن دخل مكّة ، فقال : أجرنا من أجرت (٢).
وعن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يا أبا هريرة اهتف بالأنصار ، فنادى : يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاؤوا كأنّما كانوا على ميعاد ، ثمّ قال : اسلكوا هذا الطّريق ولا يشرفن أحد عليكم إلا أنمتموه ، أي : قتلتموه (٣).
وسار رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى دخل المسجد ، وما قتل ذلك اليوم إلّا أربعة ، ودخل صناديد قريش الكعبة يظنّون أنّ السّيف لا يرفع عنهم ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعضادتي الباب وقال : ما تظنّون؟ فقالوا (٤) : نقول : أخ وابن عم حليم رحيم ، فقال رسول الله (٥) صلىاللهعليهوسلم : إنّي أقول كما قال يوسف عليهالسلام : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ [الْيَوْمَ] (٦)) ، الآية [يوسف : ٩٢] ، فخرجوا من الكعبة كأنّما نشروا من القبر ، ودخلوا في الإسلام (٧).
قالت عائشة : ما من بلدة إلّا فتحت بالسّيف إلّا المدينة فإنّها فتحت بلا إله إلّا الله (٨).
وقوله : (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) [الفتح : ٢٢] في شأن أسد وغطفان ، وقيل : في الحديبية (٩). وكذلك قوله : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ) [الفتح : ٢٤] كان المشركون (١٠) بعثوا أربعين رجلا ، وقيل : اثنا عشر لاغتيال أصحاب (١١) رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية فأظهرهم الله عليهم فأخذوهم وجاؤوا بهم إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فأطلقهم (١٢).
قد دلّ كتاب الله وتواترت الرّوايات وأجمع أصحاب السّير أنّ مكّة فتحت عنوة ثمّ منّ عليهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأطلقهم ولم يقسم أموالهم فسمّوا طلقاء (١٣) ، فمن قال : فتحت صلحا (١٤) ، فقد
__________________
(١) في ك وع : يقتلها.
(٢) ينظر : مصنف ابن أبي شيبة ٦ / ٥١٠ ، ومسند أبي عوانة ٤ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، وشرح معاني الآثار ٣ / ٣٢٣.
(٣) ينظر : سنن الدارقطني ٣ / ٥٩ ، والمستدرك ٢ / ٦٢ ، والسنن الكبرى للبيهقي ٩ / ١١٨.
(٤) في ك وع : فقال ، وبعدها في ك : يقول ، بدل (نقول).
(٥) (رسول الله) ليست في ك وب.
(٦) من ع.
(٧) ينظر : شرح معاني الآثار ٣ / ٣٢٥ ، والسنن الكبرى للبيهقي ٩ / ١١٨.
(٨) وهو حديث مروي عن عائشة رضي الله عنها في الضعفاء الكبير ٤ / ٥٨ ، والمجروحين ٢ / ٢٨٩ ، والكامل في ضعفاء الرجال ٦ / ١٧١ ، وفيها جميعا أن المدينة فتحت بالقرآن.
(٩) ينظر : تفسير القرطبي ١٦ / ٢٨٠.
(١٠) في ك : كانوا المشركين ، بدل (كان المشركون).
(١١) ساقطة من ع.
(١٢) ينظر : صحيح مسلم ٣ / ١٤٤٢ ، وأخبار مكة ٥ / ٩٠ ، والسنن الكبرى للبيهقي ٦ / ٣١٨ ـ ٣١٩.
(١٣) وهذا قول أبي حنيفة ومالك والأوزاعي ، ينظر : شرح معاني الآثار ٣ / ٣١١ ، والبحر الرائق ٢ / ٢٦٠ ، وحاشية رد المحتار ٢ / ١٧٦.
(١٤) وهو قول الشافعي وأحمد ، ينظر : الأم ٧ / ٣٦٢ ، وفتح الباري ٨ / ١٢ ، وعون المعبود ٥ / ٣٤٦.