وقد وردت أبنية جموع التّكسير في مواضع كثيرة من الكتاب ، منها :
في أثناء كلامه على (اليتامى) في قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى) [البقرة : ٨٣] قال : «(وَالْيَتامى) : جمع يتيم ك (ندامى) جمع نديم ، وقيل : إنّه مقلوب ك (الخطايا). وقد يجمع اليتيم أيتاما كاليمين والأيمان ، والشّريف والأشراف» (١). فالأول على غير قياس ، والثاني على القول إنّ الخطايا جمع خطيئة على (فعائل) ، وهو قول البصريين بخلاف الكوفيين الذين يرون أنّه على (فعالى) (٢) ، أي أنّ اليتيم جمع على (يتايم) ، ثمّ حدث فيه قلب فصار (يتامي) ، ثمّ قلبت الكسرة فتحة للخفّة فصار (يتامي) ، وقلبت الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها فصار (يتامى). وواضح أنّ نقله القول الثّاني بصيغة : «قيل» يوحي بتضعيفه. والقولان في جمع يتيم جمع كثرة ، سواء على وزن (فعالى) أو (فعائل). أما القول الأخير فهو في القلّة ، أي : جمع يتيم على وزن (أفعال).
وفي قوله تعالى : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) [البقرة : ١١٩] قال : «أصحاب جمع صحاب ، وصحاب جمع صحب ، مثل ركاب وركب ، ثمّ صحب جمع صاحب ، ويحتمل أنّ الأصحاب جمع قلّة» (٣).
وفي قوله تعالى : (وَأَرِنا مَناسِكَنا) [البقرة : ١٢٨] قال : «(مَناسِكَنا) : إمّا هي جمع (منسك) بالفتح ، وهو المصدر ، أو جمع (منسك) بالكسر ، وهو موضع النّسك» (٤).
وفي قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ) [البقرة : ١٥٤] قال : «(أَمُوتُ) : جمع مائت ، كأصحاب جمع صاحب. وقيل : جمع مويت ، كأشراف وشريف. و (أَحْياءٌ) : جمع حيّ ، وحيّ على وزن (فعيل) في الأصل» (٥).
وفي قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) [البقرة : ٢٣٩] قال عن (رجالا) : «جمع راجل ، كتاجر وتجار وصاحب وصحاب» ، ثمّ قال : «(أَوْ رُكْباناً) : جمع راكب ، كفارس وفرسان» (٦).
__________________
(١) درج الدرر ٩٦.
(٢) ينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف ٢ / ٨٠٥ (مسألة ١١٦).
(٣) درج الدرر ١٤٠.
(٤) درج الدرر ١٥١.
(٥) درج الدرر ١٧٣.
(٦) درج الدرر ٢٤٨.