إنّ هلاك (١) المسيح وأمّه متصوّر.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : وإنّما خصّ لاستيعاب غاية جهات فوق وغاية جهات (٢) تحت ، (وَما بَيْنَهُما) : من الحيوان والنّبات وغيرهما.
(يَخْلُقُ ما يَشاءُ) : يدلّ على أنّه يخلق اختيارا واقتدارا من غير احتياج واضطرار (٣).
١٨ ـ (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) : إنّما ادّعوا (٤) البنوّة لما رأوا أنّ الله سبحانه وتعالى قال ليعقوب عليهالسلام : ولدك بكر ولدي (٥) ، فإن صحّ فتأويله عندنا إضافة ملك كما يقول صاحب الماشية : نتاجي ورسلي ، وأمّا النّصارى لمتشابهات (٦) قول المسيح عليهالسلام. ثمّ إنّ بعضهم قال : (وَلَدَ اللهُ) [الصّافّات : ١٥٢] ، وبعضهم قال : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) [البقرة : ١١٦] ، فكذّب الله الطّائفتين بكونهم بشرا مدبرين مقهورين.
ودعواهم المحبّة مبنيّة على دعواهم الأولى ، والتّعذيب بالذّنب لا ينافي المحبّة لجواز أن يكون إرادة للخير (٧) ، قال الله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النّور : ٢].
(مِمَّنْ خَلَقَ (٨)) : من جنس سائر النّاس.
١٩ ـ (يُبَيِّنُ لَكُمْ) : على وجه الحال (٩) ، تبيينا لكم ما لا يتبيّن بالعقل دون السّماع.
(عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) : على حين فترة ، يعني : مدّة ما بين عيسى ونبيّنا عليهماالسلام (١٠).
ولد عيسى عليهالسلام بالشّام في ولاية هوادش الإسرائيليّ وهو وال من تحت يد قيصر ، فخافته مريم فاحتملته إلى ناصرة فنشأ هناك ، وكان الزّمان زمان الطوائف بعد الإسكندر. وقيل : إنّ جرجيس كان بعد عيسى ، وكان تلميذ بعض الحواريّين. وقيل :
__________________
(١) في ب : إهلاك ، بدل (إن هلاك).
(٢) (فوق وغاية جهات) ساقطة من ب.
(٣) ساقطة من ك.
(٤) في ب : ادعى.
(٥) ينظر : أحكام القرآن ٢ / ٤٩٨ ، وزاد المسير ٢ / ٢٥٥ ، وتفسير القرآن العظيم ٢ / ٣٦.
(٦) في ك وع : بمتشابهات.
(٧) في ك وب : الخير.
(٨) في الأصل وع وب : يخلق ، وهو خطأ. وينظر : تفسير الطبري ٦ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، وتفسير القرآن الكريم ٣ / ٥٢ ، وزاد المسير ٢ / ٢٥٦.
(٩) ينظر : الكشاف ١ / ٦١٩ ، والتفسير الكبير ١١ / ١٩٤ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦٧.
(١٠) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٣ / ٥٣ ، وتفسير البغوي ٢ / ٢٣ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦٧.