وفي هذه الرواية دلالة على جواز نسخ الجزاء في المستقبل عند الإسلام (١) ، كنسخ الواجبات من الأمر والنهي بخلاف الواقعات من الأخبار ، إذ نسخ الأخبار غير متصوّر.
٦٣ ـ ثمّ عاد إلى خطاب بني إسرائيل فقال : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ)(٢) : وأخذه : عقده وإحكامه ، قال في المنافقين : (قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا (٣) مِنْ قَبْلُ) [التوبة : ٥٠] ، وقد يكون بمعنى الأسر (٤) كقوله : (وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ) [التوبة : ٥] ، وبمعنى الغصب (٥) كقوله : (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [الكهف : ٧٩] ، وبمعنى القبول والتّمسّك كقوله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) [البقرة : ٦٣].
(وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ [الطُّورَ] (٦)) : أي : قلعنا وحبسنا (٧) فوق رؤوسكم. وذلك أنّ الله لمّا أنزل التوراة على موسى فأبى قومه أن يقبلوه ، فأمر الله تعالى بملائكة فنتقت الجبل فوقهم ، ونودوا (٨) أن اقبلوا التوراة وإلا رضختم (٩) به ، فخرّوا لله ساجدين على شقّ وجوههم يلاحظون الجبل ، وقبلوا التوراة مكرهين (١٠). وفي رواية عطاء وابن عبّاس : رفع الله الطّور فوقهم ، وبعث نارا من قبل وجوههم ، وأتاهم البحر الملح (١١) من خلفهم ، فقال لهم موسى : إن لم تقبلوا التوراة أحرقكم الله بهذه النار ، وغرقكم في هذا البحر ، وأطبق عليكم هذا الجبل ، فأخذوا كارهين (١٢).
و (الرّفع) : نقيض الوضع (١٣).
و (فوق) الشيء : ما لم يلحقه لعلوّه وارتفاعه من حدّ أو حال أو محلّ كها (١٤) هنا.
__________________
(١) في الأصل وك وب : الإعلام.
(٢) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٤٥.
(٣) مكررة في ب.
(٤) ينظر : لسان العرب ٣ / ٤٧٣ (أخذ).
(٥) في ب : العصب. وينظر : لسان العرب ٣ / ٤٧٣ (أخذ).
(٦) من ع.
(٧) في ك : وجلسنا.
(٨) النسخ الثلاث : فنودوا.
(٩) في الأصل وع : لرضختم ، وفي ك : أرضختم.
(١٠) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ ، وتفسير البغوي ١ / ٨٠ ، والتفسير الكبير ٣ / ١٠٧.
(١١) في ب : المالح.
(١٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٨٠ ، والقرطبي ١ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧ ، والبحر المحيط ١ / ٤٠٦.
(١٣) ينظر : الفروق اللغوية ٥٧٤ ، ولسان العرب ٨ / ٣٩٦ (وضع).
(١٤) في ك وع : كما ، وفي ب : كذا.