غريم ؛ لأنّه يلازم المديون ، ويقال للمديون : الغريم ؛ لأنّ اللّزوم يثبت عليه ، والمغرم بالنّساء الملازم لهنّ. قال الزجّاج : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) ، الغرام أشدّ العذاب) (١). (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٦٦) ؛ أي إنّ جهنّم بئس موضع قرارا وإقامة هي. قال الحسن : (كلّ غريم يفارق غريمه إلّا غريم جهنّم) (٢).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٦٧) ؛ الإسراف : هو الإنفاق في معاصي الله تعالى ، والمقتّر : مانع حقّ الله تعالى ، والقوام : هو الوسط بين الإسراف والتّقتير. قرأ أهل المدينة والشام بضمّ الياء وكسر التاء ، وقرأ الكوفيّون (يقتّروا) بفتح التاء وضم الياء ، وقرأ الباقون (يقتروا) بفتح الياء وكسر التّاء ، وكلّها لغات صحيحة. فالإسراف : نفقة في معصية الله تعالى وإن قلّت ، والإقتار : منع حقّ الله (٣).
وعن الحسن أنّ معناه : (لم ينفقوا في معاصي الله ، ولم يمسكوا عن فرائض الله). وقيل : معناه : لم يضيّقوا في الإنفاق ، وكان إنفاقهم بين الإسراف والإقتار ، لا إسرافا يدخل به في حدّ التبذير ، ولا تضييقا يضرّ به في حدّ المانع لما يجب ، وهذا هو المحمود من النفقة.
وعن عمر رضي الله عنه : (من الإسراف أن لا يشتهي الرّجل شيئا إلّا أكله) (٤) وقال : (كفى بالمرء سرفا أن يأكل كلّ ما يشتهي) (٥). وقال قتادة : (الإسراف : النّفقة في المعصية ، والإقتار : الإمساك عن حقّ الله ، والقوام من العيش : ما أقامك وأغناك).
__________________
(١) قاله الزجاج في معاني القرآن : ج ٤ ص ٥٩.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠١٠٤).
(٣) ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ١١٦.
(٤) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز : ص ١٣٩٠. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٧٣.
(٥) ويروى حديثا أيضا ؛ أخرجه ابن ماجة في السنن : كتاب الأطعمة : باب من الإسراف أن تأكل كلما اشتهيت : الرقم (٣٣٥٢) ، إسناده ضعيف.