ويجوز أن يكون : صلّ بأمره هو المحمود في توفيقه إياك ، كما يقال : افعل هذا بحمد الله ، (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) (٥٨) ؛ فهو أولى من يراقب غيره.
قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩) ؛ أي فاسأل لسؤالك إياه خبيرا ، والخبير ها هنا هو الله عزوجل ، ويقال : معناه : فاسأل الخبير بذلك ، يعني : ما ذكر من خلق السّموات والأرض والاستواء على العرش. وقيل في معناه : فاسأل عالما بم تسأله عنه ، ولا تسأل غيره ، وإذا سألت حاجتك ؛ فاسأل عالما بما يصلحك ، وإنك إذا سألته أخبرك بالحقّ في صفاته ، وفي كلّ ما سألت عنه.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ؛) أي إذا قيل لكفّار مكّة : (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ ،) قالوا : ما نعرف إلّا رحمان اليمامة ؛ يعنون مسيلمة. وقوله تعالى : (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) (٦٠) ؛ استفهام إنكار ؛ أي لا نسجد للرّحمن تباعدا من الإيمان ، كما قال تعالى في قصّة نوح : (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً)(١).
قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً ؛) البروج : منازل الكواكب السّبعة : الشّمس ؛ والقمر ؛ والمشتري ؛ فالمرّيخ ؛ وزحل ؛ وعطارد ؛ والزّهرة ، وهي اثنى عشر برجا ؛ فالحمل والعقرب بيتا المرّيخ ، والثّور والميزان بيتا الزّهرة ، والجوزاء والسّنبلة بيتا عطارد ، والجدي والدّلو بيتا زحل.
وقوله تعالى : (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً ؛) يعني الشّمس ، (وَقَمَراً مُنِيراً) (٦١). وقرأ حمزة (سرجا) أراد الشّمس والكواكب معها. والمعنى : وجعل في السّماء شمسا تضيء بالنهار. ويقطع كلّ شهر برجا من البروج الاثني عشر ، وجعل فيها قمرا يضيء بالليل ، ويقطع كلّ برج في يوم وثلث.
__________________
(١) نوح / ٦.