إن الغمام سحاب أبيض فوق السّموات السّبع ، كما روي أنّ دعوة المظلوم ترفع فوق الغمام ، فعلى هذا يكون المعنى : ويوم تشقّق السموات السّبع ويظهر الغمام. قرأ ابن كثير : (وننزّل الملائكة) بنونين ونصب الملائكة.
قوله : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ ؛) أي الملك الذي هو الملك حقّا ملك الرّحمن يوم القيامة ، (وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) (٢٦) ؛ أي عسر ذلك اليوم لشدّته ومشقّته ، ويهون على المؤمنين.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ ؛) نزلت في عقبة بن أبي معيط كان إذا أراد أن يؤمن فقال له أبيّ بن خلف وكان صديقا له : صبأت يا عقبة! لئن آمنت لم أكلّمك أبدا ، فامتنع عن الإيمان حتى قتل يوم بدر كافرا ، وقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبيّ بن خلف يوم أحد (١).
وقيل : إنّ عقبة بن أبي معيط كان لا يقدم من سفر إلّا صنع طعاما فدعا عليه أشراف قومه ، وكان يكثر مجالسة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقدم ذات يوم من سفر ، فصنع طعاما فدعا عليه النّاس ، ودعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا قرب الطّعام قال صلىاللهعليهوسلم : [ما نأكل من طعامك يا عقبة حتّى تشهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله] فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله ، فأكل رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وكان أبيّ بن خلف غائبا ، فلمّا أخبر بإسلام عقبة وكان صديقه ، قال له : أصبوت يا عقبة؟! فقال : لا ؛ والله ما صبوت وإنّ أخاك كما تعلم ، ولكنّي صنعت طعاما فأبى أن يأكل من طعامي إلّا أن أشهد ، فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم ، فشهدت له وليس في نفسي ذلك ، فقال أبيّ بن خلف : يا عقبة! ما أنا بالّذي أرضى منك أبدا حتّى تأتيه فتبزق في وجهه! ففعل عقبة ذلك (٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٩٩٠). وفي الدر المنثور : ج ٦ ص ٢٥١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد الرزاق في مصنفه وابن جرير عن مقسم مولى ابن عباس).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٩٩١). وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٥٠٩٤).