قوله تعالى : (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ ؛) يعني أن الطيّبين والطيبات مبرّؤن مما يقول الخبيثون ، والمبرّأ هو المنفيّ عن صفة الخبث ، والمراد به عائشة وصفوان ، فذكرهما بلفظ الجماعة كما في قوله تعالى (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ)(١) والمراد أخوان. وقوله تعالى (مُبَرَّؤُنَ) أي منزّهون. وقوله تعالى : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٢٦) ؛ أي لهم مغفرة لذنوبهم وثواب حسن بإلحاقهم في الجنّة من الأذيّة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (لقد أعطيت تسعا لم يعطهنّ امرأة : نزل جبريل بصورتي في راحته حين أمر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يتزوّجني ، ولقد تزوّجني بكرا وما تزوّج بكرا غيري ، ولقد قبض ورأسه في حجري ، ولقد قبر في بيتي ، ولقد حفّت الملائكة بيتي ، ولقد كان الوحي إذا نزل عليه تفرّقن عنه ، وكان ينزل عليه وأنا معه في لحافه ، وإنّي لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري من السّماء ، ولقد خلقت طيّبة لعبد طيّب ، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما) (٢).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ؛) في الآية أمر بالتّحفّظ عن الهجوم عن ما لا يؤمن من العورات ، وإلى هذا أشار النبيّ صلىاللهعليهوسلم حيث قال للرّجل الذي قال له : أستأذن على أخواتي (٣)؟ قال : [إن لم تستأذن رأيت منها ما تكره](٤) أي ربّما تدخل عليها وهي منكشفة فترى ما تكره. ومعنى قوله تعالى (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) أي حتى تستأذنوا ، والاستئناس هو الاستعلام ليعلم من في الدار ، وذلك يكون بقرع الباب والتّنحنح وخفق النّعل.
__________________
(١) النساء / ١١.
(٢) في مجمع الزوائد : ج ٩ ص ٢٤١ : كتاب المناقب : باب جامع فيما بقي من فضلها ؛ قال الهيثمي : (رواه أبو يعلى وفي الصحيح وغيره بعضه ، وفي إسناد أبي يعلى من لم أعرفهم). وذكره من وجه آخر قال : (رواه الطبراني ورجال أحد أسانيد الطبراني رجال الصحيح) وفي ص ٢٤٢ ذكره من وجه آخر ضعيف.
(٣) في المخطوط : (أختي).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٩٦٢٣) من حديث ابن عباس مرسلا.