وقع فيه الفزع ، ووجب الفعل إذا وجب ما يلزم به فعله. قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها) أمرنا بإباحة ورخصة مثل قوله : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا)(١) ، وقوله تعالى (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ)(٢).
قوله تعالى : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ؛) اختلفوا في معناها ، فروي عن ابن عبّاس ومجاهد : (أنّ القانع هو الّذي يقنع ويرضى بما عنده ولا يسأل ، والمعترّ الّذي يعترض لك أن تطعمه من اللّحم) ، يقال : قنع قناعة إذا رضي قانع ، وعراه واعتراه إذا سأله ، وكذلك قال عكرمة وقتادة : (إنّ القانع هو المتعفّف الجالس في بيته ، والمعترّ السّائل الّذي يعتريك ويسألك) (٣).
قال سعيد بن جبير والكلبيّ : (القانع هو الّذي يسأل ، والمعترّ هو الّذي يتعرّض لك ويريك نفسه ولا يسألك) (٤) ، فعلى هذا يكون القانع من القنوع وهو السّؤال ، يقال منه : قنع الرجل يقنع إذا ذهب يسأل ، مثل ذهب فهو قانع. قال الشمّاخ :
كمال المرء يصلحه فيغنى |
|
مفاقره أعفّ من القنوع (٥) |
أي من السّؤال. وقال زيد بن أسلم : (القانع هو المسكين الّذي يطوف فيسأل ، والمعترّ الصّديق الزّائر ، والمعترّ الّذي يعتري القوم للحمهم وليس بمسكين إلّا أنّه ليست له ذبيحة ، يأتي القوم لأجل لحمهم) (٦).
وقرأ الحسن : (والمعتري) بالياء من قولهم : اعتراه إذا غشيه لحاجته. وروى عطاء عن ابن عبّاس : (أنّ القانع الّذي يسأل ، والمعترّ الّذي يأتيك بالسّلام ، ويريك
__________________
(١) المائدة / ٢.
(٢) الجمعة / ١٠.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٠٧٥ ـ ١٩٠٧٦).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٠٨٠).
(٥) ذكره الطبري في جامع البيان : النص (١٩٠٨٢). والزجاج في معاني القرآن : ج ٣ ص ٣٤٨. والمفاقر : وجوه الفقر ، والقنوع السؤال.
(٦) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٠٨٦).