قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ
؛) أي قل لهم يا محمّد : إنّما أخوّفكم من عذاب الله
بالقرآن الذي يوحى إليّ لا من قبل نفسي ، وذلك أنّ الله أمره بإنذارهم ، كقوله (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ).
قوله تعالى : (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا
ما يُنْذَرُونَ) (٤٥) ؛ هذا تمثيل للكفار بالصّمّ الذين لا يسمعون النّداء ، والمعنى أنّهم
معاندون ، فإذا أسمعتهم لم يعملوا بما سمعوه. قوله تعالى : (إِذا ما يُنْذَرُونَ) أي اذا ما يخافون.
قوله تعالى : (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ
عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٤٦) ؛ أي لو أصابهم أدنى عذاب لأيقنوا بالهلاك ، وقال ابن كيسان : (معناه
: ولئن مسّهم قليل من عذاب الله) ، وقال ابن جريج : (نصيب من عذاب الله) ، والمعنى
: ولئن مسّهم طرف من العذاب لأيقنوا بالهلاك ، ودعوا على أنفسهم بالويل مع الإقرار
أنّهم ظلموا أنفسهم بالشّرك ، وتكذيب النبيّ صلىاللهعليهوسلم. والنّفحة : هي الدفعة اليسيرة الواقعة من الشيء دون
معظمه ، يقال : نفحه نفحة بالسّيف ؛ أي ضربه ضربة خفيفة.
قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ
لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ؛) أي نضع الموازين ذوات القسط لأهل يوم القيامة. قال
الحسن : (هي ميزان له كفّتان ولسان ، لا يوزن فيها غير الحسنات والسّيّئات ، يجاء
بالحسنات في أحسن صورة ، وبالسّيّئات في أقبح صورة ، فلا ينقص من حسنات أحد ، ولا
يزاد في سيّئات أحد). وقال مجاهد : (هذا مثل ، وإنّما أراد بالميزان العدل) .
ويروى : أنّ
داود عليهالسلام سأل ربّه أن يريه الميزان ، فلما رآه غشي عليه ثم أفاق
، فقال : إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفّته حسنات؟ فقال : يا داود إنّي إذا رضيت عن
عبدي ملأتهما بتمرة . ويقال : إنّما يوزن خاتمة العمل ، فمن كان خاتمة عمله
خيرا ، جوزي بخير ، ومن كان شرّا جوزي بشرّ.
__________________