قوله تعالى : (فَأَكَلا مِنْها ؛) أي أكل آدم وحوّاء من الشجرة على وجه الخطأ في التأويل لا تعمّدا في المعصية إذ الأنبياء عليهمالسلام لا يقيمون المعصية ، وهم أشدّ خوفا من الله أن يفعلوا ذلك. لأنّ بعض المفسّرين قال : إن الله تعالى أشار بالنّهي إلى شجرة بعينها ، فقال له : لا تأكل من هذه الشجرة ، وأرادوا جنس تلك الشجرة ، فنسي آدم الاستدلال بذلك على الجنس ، فحمل النهي على العين. وهذا كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أنّه أخذ الذهب بإحدى يديه ، والحرير بالأخرى ، وقال : [هذان حرامان على ذكور أمّتي ، حلّ لإناثهم](١) وأراد به الجنس دون العين.
قوله تعالى : (فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما ؛) أي ظهرت لهما عوراتهما ، وإنّما جمع السّوءات ولم يثنّهما ؛ لأن كلّ شيء من شيء فهو جمع في موضع التثنية. قوله تعالى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما ؛) أي جعلا يقطعان عليهما ، (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ؛) ويجعلانه على سوءاتهما.
وقوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ ؛) أي عصاه بأكل الشجرة ، (فَغَوى) (١٢١) ؛ أي فعل ما لم يكن له فعله. وقيل : ضلّ حين طلب الخلد بأكل ما نهي عن أكله. وقيل : الغيّ الفساد ؛ أي فسد عليه عيشه ، وقيل : (فَغَوى) أي أخطأ ، وقيل : خاب في طلبه في أكل الشجرة.
قوله تعالى : (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ ؛) أي اجتباه للرّسالة ، وقيل : قرّبه ، (فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) (١٢٢) ؛ إلى ذكره ، وقيل : اصطفاه فتاب عليه وهداه حين قال (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا)(٢) الآية.
__________________
(١) عن عمر بن الخطاب ؛ أخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٣٦٢٩). في مجمع الزوائد : ج ٥ ص ١٤٣ ؛ قال الهيثمي : (وفيه عمرو بن جرير وهو متروك). وعن علي بن أبي طالب ؛ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى : كتاب الصلاة : باب الرخصة في الحرير والذهب للنساء : الحديث (٤٣٢٠).
(٢) الأعراف / ٢٣.