ثم قال لإخوته كما قال الله تعالى :
قوله تعالى : (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ؛) صواع الملك. وقرأ ابن عبّاس (سرّق) بضمّ السين وتشديد الراء ، (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا ؛) إخبار عن ظاهر وجود الصّاع في رحل بنيامين أنه هو الآخذ له ، (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) (٨١) ؛ أي ما كنّا ندري باطن الأمر في السّرقة أنه سرق أو كذب عليه.
قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها ؛) أي اسأل من شئت من أهل القرية التي كنّا فيها وهي مصر ، فإنّ هذا أمر شائع فيهم ، يخبرك به من سألته. وسمّى مصر قرية ؛ لأن العرب تسمّي الأمصار والمدائن قرى. وقيل : أراد بالقرية قرية من قرى مصر وهي التي ارتحلوا من مصر إليها.
قوله : (وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها ؛) أي واسأل أهل القافلة التي رجعنا منهم ، وكان قد صحبهم قوم كنعان. قوله تعالى : (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) (٨٢) ؛ أي لصادقون فيما نقول لك. فقال لهم يعقوب كما قال الله تعالى :
قوله تعالى : (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ؛) أي قال : إنّ ابني لا يسرق ، وإنّما سهّلت لكم أنفسكم أمرا إذا قلتم فيه سرق ، فأمري صبر جميل لا جزع فيه.
قوله تعالى : (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً ؛) أي بيوسف وبنيامين وروبيل ، (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ ؛) بعباده ، (الْحَكِيمُ) (٨٣) ؛ في تدبير أمر خلقه.
قوله تعالى : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ ؛) أي أعرض عنهم لشدّة الحزن ، (وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ ؛) أي أقبل أيّها الأسف فقد حان وقتك ، والأسف والحزن واحد. وقيل : الأسف أشدّ من الحزن. قوله تعالى : (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ ،) من شدّة البكاء وإلّا فالحزن لا يبيّض العين ، والدمع مما لا يمكن