الصخرة التي عليها الأرضون ، فقال جبريل : ما ترى؟ قال : صخرة عليها درّة ،
قال : فما ترى في فم الدّرّة؟ قال : أرى طعاما ، قال ربّ العزة يقول لك : أنا أذكر
هذه الدرّة في هذا الموضع ثم أنساك على وجه الأرض؟ أما استحييت مني حتى تقول لعبد
ملك اذكرني عند ربك ، ولم تقل يا رب ، فعند ذلك قال يوسف : يا رب فاسألك بمنّك
القديم ، وفضلك العميم إلّا غفرت لي ، قال : يا يوسف أغفر لك وأخرجك من السجن ، ثم
كان من رؤيا الملك ما كان.
ومعنى الآية :
أن الملك واسمه زيّان بن الوليد رأى في النوم سبع بقرات سمان خرجن من نهر من أنهار
مصر ، فخرج من بعدهنّ سبع بقرات عجاف ، فابتلع العجاف السّمان فدخلن في بطونهنّ
ولم يزد منهنّ شيئا ، فعجب منهنّ ، ورأى سبع سنبلات خضر وسبع
سنبلات أخر يابسات ، التوت اليابسات على الخضر فقلبن خضرتهنّ ولم يسير عليهن شيء منهن.
فأرسل الملك في
هذه الرّؤيا إلى السّحرة والكهنة ، فجمعهم ثم قصّ عليهم ذلك وقال لهم : (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي
رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (٤٣) قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ
وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ) (٤٤) ؛ أي قالت الكهنة والسّحرة : هذه الرّؤيا أباطيل الأحلام كاذبة ، وما
نحن بتأويل الأحلام المختلفة بعالمين ، ليس لها عندنا تأويل.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما
وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) (٤٥) ؛ قال صاحب الشّراب الذي نجا من السّجن والقتل وتذكّر بعد سنين ،
ويقال : هذا بعد انقراض أمّة ، والأمّة في اللغة هي المدّة الكثيرة كما أنّها في
الجماعة الجماعة الكثيرة. ومن قرأ (بعد أمّة) فمعناه : بعد نسيان.
وقوله تعالى : (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ) قول صاحب الشّراب لمّا عجز الكهنة عن تأويل رؤيا الملك
، جاء ووقف بين يديه فخاطبه بلفظ الجماعة كما يخاطب الملك ، وقال : أنا أخبركم
بتعبير هذه الرّؤيا ، فأرسلون إلى السّجن. ثم قال : إنّما كنت عصيت فحبستني
__________________