قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها ؛) قال الحسن : (أمّا همّها فأحبّ همّ وهو العزم على الفاحشة ، وأمّا همّه فهو ما طبع عليه الرّجال من شهوة النّساء من دون عزم على الزّنا).
واختلف أهل العلم في ذلك ، فروي عن ابن عبّاس أنه سئل : ما بلغ من أمر يوسف؟ قال : (حلّ الهميان (١) وجلس منها مجلس الخاتن) (٢). وعن ابن أبي مليكة قال : سألت ابن عبّاس : ما بلغ من أمر يوسف؟ قال : (استلقت له على قفاها وقعد بين رجليها ينزع ثيابه) (٣) وهو قول سعيد بن جبير والضحّاك والسديّ.
وروي عن ابن عبّاس : (أنّه لمّا راودت يوسف جعلت تذكر محاسنه وتشوّقه إلى نفسها ، فقالت : يا يوسف ما أحسن ماء عينيك؟ قال : هو أوّل ما سيل على الأرض من جسدي ، قالت : ما أحسن وجهك؟ قال : هو للتّراب يأكله ، قالت : ما أحسن شعرك ، قال : هو أوّل ستر من بدني ، قالت : ما أحسن صورتك ، قال : ربي صوّرني ، قالت : يا يوسف صورة وجهك أنحلت جسمي ، قال : إن الشيطان يعينك على ذلك ، قالت : فراش الحرير قد بسطته قم فاقض حاجتي ، قال : إذن يذهب نصيبي من الجنّة ، قالت : أدخل في الستر معي ، قال : ليس بشيء يسترني من ربي.
فلم تزل تدعوه إلى اللذة ، ويوسف شابّ مستقبل يجد من شبق الشباب ما يجد الرجل ، وهي حسناء جميلة حتى لان لها لما يرى من كلفها به وهمّ بها) (٤).
فهذه أقاويل أجلّة أهل التفسير ، وقال جماعة من المتأخّرين : (لا يليق هذا بالأنبياء) وأوّلوا الآية ، قال بعضهم : همّ بالفرار ، وهذا لا يصحّ لأن الفرار مذكّر ، وقيل : همّ بضربها ودفعها ومخاصمتها ، وقال بعضهم معنى قوله : (وَهَمَّ بِها) بمناها أن تكون له زوجة.
__________________
(١) الهميان : شداد السروايل.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٥٨٦) و (١٤٥٩٢) عن سعيد بن جبير وابن عباس. وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١١٤٧٨).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٥٨٦) بأسانيد عديدة ، والأثر (١٤٥٩٠).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٥٨٤) و (١٤٥٨٥) عن السدي. وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١١٤٧٥).