قوله تعالى : (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ؛) أي استغفروه من الشّرك والذنوب ، ثم دوموا على التوبة ، (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ ؛) ممن تقرّب إليه ، (مُجِيبٌ) (٦١) ؛ لمن دعاه وأطاعه. وأراد بالقرب الإسراع بالرّحمة والإجابة ؛ لا قرب المسافة.
قوله تعالى : (قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا ؛) أي قد كنّا نرجو فيك الخير قبل هذا اليوم لما كان فيك من الخلائق الحسنة والشمائل المرضيّة ، والآن قد دعوتنا إلى غير دين آبائنا قد يئسنا منك ، (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا ؛) الألف ألف استفهام بمعنى الإنكار. وقوله تعالى : (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (٦٢) ؛ أي لو أجبناك إلى ما تدعونا إليه لأجبناك على شكّ ظاهر ، فإنّا لا نعلم صدقك فيما تقول.
قوله تعالى : (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ ؛) أخبروني ، (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ ؛) برهان وحجّة ، (مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً ؛) نعمة وهي النبوّة ، (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ،) فمن يمنع عذاب الله عنّي إن عصيته مع نعمته عليّ ، (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) (٦٣) ؛ إن عصيت الله في اتّباع دينكم إلا خسران الدّنيا والآخرة.
قوله تعالى : (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً ؛) أي دلالة ومعجزة على صدق قولي حيث أخرجتها لكم بإذن الله ناقة عشراء من صخرة ملساء كما سألتم ، (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤ فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) (٦٥) ؛ وقد تقدم ذلك في سورة الأعراف.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ؛) أي لما جاء أمرنا بالعذاب نجّينا صالحا من ذلك ، ونجّينا الذين آمنوا معه بنعمة منّا ، (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ،) الخزي : هو الذل الذي يستحى منه ، وهو ما نزل بهم في كلّ يوم من علامة الأشقياء من اصفرار وجوههم في اليوم الأوّل ، واحمرارها في اليوم الثاني ، واسودادها في اليوم الثالث ، وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ