والفساد ، والدعاء إلى غير عبادة الله. والبغي في اللغة : التّرامي إلى الفساد ، يقال : بغى الجرح بغيا إذا ترامى إلى الفساد ، وبغت المرأة إذا فسدت.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي إنّما ظلمكم وتطاولكم يعود ضرره عليكم ، ويرجع وباله إليكم ، وقوله تعالى : (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي هو تمتّع قليل في الدّنيا ، ومتاع يذهب ويفنى ، ويجوز أن يكون قوله : (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) خبر لقوله (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي لا يتهيّأ لكم إلّا أن يبغي على بعض في مدّة يسيرة من الدّنيا مع سرعة انقضائها ، (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ ؛) بعد الموت ، (فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٣) ؛ وقرأ حفص (متاع) بالنصب على المصدر.
قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ ؛) معناه : إنما صفة حياة الناس الدّنيا وهي الحياة الأولى ، صفة ما أنزل الله فينبت به أنواع النبات ، واختلط بعضه إلى بعض ؛ لأن المطر يختلط بالنبات ويدخل في خلاله. قوله تعالى : (مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ ؛) أي مما يصير إلى الناس من الحبوب والثمار ، وبعضه علفا للدّواب من العشب والكلإ.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ ؛) أي زيّنها من النبات ، والزّخرف : حسن الشّيء ، وقوله (وازّيّنت) أي تزيّنت بنباتها وأثمارها من الأحمر والأصفر والأخضر وسائر الألوان التي لا غاية لها في الحسن بعدها.
قوله تعالى : (وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها ؛) حسب أهلها إدراك الانتفاع بها. قوله تعالى : (أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً ؛) أي أتاها عقابنا في ليل أو نهار ، إما ببرد أو بصواعق محرقة أو غيرها ، ويسمّى العقاب أمرا ؛ لأنّ أفعال الله سبحانه تضاف إليها بلفظ الأمر ؛ لأنّ ذلك أدلّ على سرعة السّكون من غير استبطاء ولا تعب.
قوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ؛) أي كأن لم يكن بذلك المكان شيء من الخضر والحسن والنبات ، والمغنى : هو الموضع الذي يقام فيه ويعمر ، والمغاني : المنازل التي يعمّرها الناس بالنّزول بها ، كما يقال غنينا بمكان كذا إذا نزاد به ، ووجه