فيها أبو بكر رضي الله عنه ، وكانوا لم ينقضوا شيئا من عهودهم ، ولم يمالوا عدوّا على رسول الله عليهالسلام ، فأمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن ـ أبقى ـ لهم بعهدهم إلى آخر مدّتهم.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٤) ؛ أي يرضى عمل الذين يتّقون نقض العهد. قرأ عطاء (ينقضوكم) بالضّاد المعجمة من نقض العهد.
قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) إذا مضت الأشهر التي حرّم الله القتال بالعهد فيها ، (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ ؛) يقال أراد بذلك الأشهر الحرم المعروفة ؛ وهي : رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ، كأنه قال : فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم في الحلّ أو في الحرم ، وخذوهم ؛ أي أأسروهم ، (وَاحْصُرُوهُمْ ؛) أي احبسوهم ، ويقال : أراد بذلك أن يحال بينهم وبين البيت ؛ أي امنعوهم دخول مكّة. وقوله تعالى : (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ؛) أي أقعدوا القتال على كلّ طريق يأخذون فيه إلى البيت أو إلى التجارة ، وهو أمر بتضييق السبيل عليهم.
قوله تعالى : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) معناه : فإن تابوا عن الشّرك ، وقبلوا إقام الصلاة وإيتاء الزّكاة فأطلقوهم ، (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ ؛) لما سلف من شركهم ، (رَحِيمٌ) (٥) ؛ بهم حين قبل توبتهم.
قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ؛) معناه : وإن أحد من المشركين استأمنك ليسمع دعوتك واحتجاجك بالعدل ، فأمّنه حتى يسمع كلام الله ، فإن أراد أن يسلم فردّه إلى موضع أمنه ، (ذلِكَ ؛) الأمان لهم ، (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) (٦) ؛ أمر الله تعالى.
قوله تعالى : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) أي كيف يكون لهم عهد ، وهم يضمرون الغدر في عهودهم عند الله وعند رسوله ؛ أي لن يكون لهم عهد يجب الوفاء به ، (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ ؛) في وفاء العهد فلم ينقضوه كما نقض غيرهم ،